عبد الحسين الظالمي ||
يظن البعض ان الجاهل هو فقط ذلك الانسان الذي لا يقرأ ولا يكتب ويساوي بينه وبين الأمي الذي لا يقرء ولا يكتب اصلا وهذا تضيق لمساحة مفهوم الجهل فالجهل اما بسيط او مركب
ويعد الاخير اكثر اثرا من الاول في تاثيره .
الجهل العلمي هو انك تجهل سبل التعلم ومفاتيح ابوابه التي تبدء من القراءة والكتابة وتضيق مساحة الجهل العلمي كلما ارتقى الانسان في درجات التعلم ليصبح باعلى الدرجات العمليه وحتى هذا لايمكن ان يدعي انه لا يجهل فهناك الكثير الامور في الحياة التي لازال يجهلها . ولكننا نخففها مجاملة ونقول لا يعلمها .مثل الجهل الرقمي الان او الجهل الاكتروني وما يقال عنهم الأمية الاكترونية .
اما الجهل المعرفي فهو ان يجهل الانسان طريق الاهتداء الى الحقيقة وان يجهل التميز بين الصالح والطالح وبذلك يفقد الوصول الى الحق والاهتداء اليه وفق ميزان الحق.
فهو رغم مستواه العلمي ورقي درجة تعلمه ولكن تجده ينعق مع كل ناعق وينقل امور يرفضها في تطبيقات منهجه العلمي ولكنه يقبلها في المنهج المعرفي فهو يرفضكل معلومة تكذبها التجربة، فعندما يقال له ان الخشب ناقل جيد للكهرباء يرفض ذلك ولكن عندما يقول له القران ( اذا جائكم فاسق بنبأ فا تبينو ان تصيبو الناس بجهالة ...).
تجده مسرعا في سوق الاتهام والتجني. ولصق افعال لم يسمح لنفسه ان تتاكد منها حتى يطلق عنان لسانه في سرد روايتها ونسج الخيال عليها ليجعل من القشة بشه كما يقولون بالعامية.
ومن الذرة جبل ومن (الحبه كبه ) ينقل ذلك وهو يعتقد انه ينقل الصدق والصواب اما من ينقل ذلك بقصد التضخيم والاساءة فذلك شىء اخر !
وهو ليس مقصود حديثنا لان ذلك قاصدا فعله عالما به فهو ليس جاهل بل قاصدا تجاهل الحق والحقيقة وعاملا على تزيفها ، وهذا ليس جاهل بل متجاهل وباطل .
مصيبتنا اليوم هي اتساع رقعة الجهل المعرفي الكل يدعي الحق والحقيقة والكل منصب نفسه
وكيلا عن الحق وهو ابعد ما يكون عن منهج الحق الذي رسمة امير البلاغه وسيد الاستدلال
امير المومنين علي عليه السلام ( اعرف الحق تعرف اهله ).
اذا اين المشكلة ؟ ومن اين نبدأ
والامام علي شخص المرض والعلاج ، فالمرض هو الجهل والعلاج التبين والتشخيص السليم.
ومعرفة الحق تتطلب معرفة ادوات منهج معرفة الحق بداءا من معرفة الحقيقة وأدوات معرفة الحقيقة هي ان ترى وتسمع وتقرأ وتدقق وتسمع طرفي القضية وتعرضها على عقلك قبل قلبك وهواك .
اذا الحقيقة تطلب منك ان ترى اولا وتسمع وتقرء وتدقق وتسمع طرفي القضية فمن يأتيك مشتكيا بان فقأت عينة ربما فقأ عينين الاخر الذي يشتكي منه (تلك الحادثة التي فصل فيها امير المومنين علي عليه السلام)
وكما يقال ان بين الحق والباطل اربع اصابع وهي ماترى العين وما تسمعه الاذن خصوصاوقد ابتلينا الان بامور يصعب معها معرفة الحقيقة ويكفي ان تغمز انسان بمنشور تجد العشرات ينهالون بالنقد والتجريح والاساءة بدون ان يكلف بعضهم نفسه عن الامتناع عن التعليق لانه يجهل الحقيقة على اقل تقدير والبعض منهم يجهل حتى صلب القضية وموضوعها بل البعض يجهل حتى طرفها الاخر.
وهذا مثال بسيط عن مئات من الموارد في حياتنا اليومية .
وقد افسدت السياسة وتطور وسائل الاتصال اخلاق الناس واصبحت الناس على دين ملوكهم ومزاجهم دون ان يكلف البعض نفسه سؤال اين هي الحقيقة مع من يكون الحق؟ وبعضهم لايفرق بين الحق والحقيقة ويسرع في اصدار الاحكام دون ان يسال هل كل حقيقة حق ام العكس ان كل حق حقيقة وليس كل حقيقة حق ؟.
علينا ان نعرف الحقيقة اولا ثم الحق في هذه الحقيقة (قتل زيد لعمرو حقيقة ولكن الحق ان ترى القتل وتسمع عن اسبابه وتدقق في دوافعه حتى يتبين لك الحق من هذه الحقيقة)
الحق كلمة والحياة كلمة والكون كلمة ورجولة كلمة والانسانية كلمة من اجل تلك الكلمة الصادقة قتل الحسين عليه السلام عندما أمتنع عن قول كلمة (قبول بيعة يزيد) وهي ( نعم ابايع)
فلا تستهن بالكلمة التي تكتبها وتقولها وتنشرها ربما تكون سهما جراحا او بلسما وربما تدخلك النار ( من زحزح عن النار فقد فاز ) ربنا نسالك ان ترينا الحق حقا فتتبعه والباطل باطلا فا نتجنبه ).
https://telegram.me/buratha