قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
ثمة من يروج بغباء مثقل باللامسؤولية، أن خطة بيع أصول الدولة؛ التي أُدرجت في مشروع قانون الموازنة، الذي قدمته الحكومة الى مجلس النواب، يمثل خطوة تستهدف مصلحة الشعب، وان الهدف الاساس هو استخدام الأصول المباعة، لتعويض جزء من الخسائر الناجمة عن الازمة المالية والاقتصادية، وتسديد الديون للمصارف الداخلية والخارجية، خصوصا وأن معظم تلك الديون هي ديون سيادية، أي أن الحكومة ضامنة لها، فضلا عن أن كلف خدمة الديون تتصاعد بشكل مقلق ومثير.
بعض "اللوتية" المتصدين للمشورة ألإقتصادية، يروجون الى كذبة كبيرة، مؤداها أنه من خلال بيع هذه الاصول، يتم دعم شبكة الرعاية الإجتماعية، ومساعدة الاسر الأكثر فقراً في العراق، بل ويسوق هؤلاء "اللوتية" لكذبة اكبر، هي ان ممتلكات الدولة ستبقى ملكا لها.
الحقيقة التي يجب أن تقال وبصوت مرتفع، هي أنه لا جائحة كورونا ولا تدني أسعار النفط جرائها، يقفان وراء المشكل ألإقتصادي الذي نعاني منه، بل هو سوء الإدارة المالية للدولة، والإستدانة إلى مستويات أصبح حملها ثقيلا، إلى درجة قامت فيها الحكومة الحالية، بإجراءات تأخير صرف الرواتب، وفرض ضرائب تعسفية، ورفع أقيام الضرائب والرسوم، ووقف دفع مستحقات الدين العام،الأمر الذي وضع الدولة في خانة التعثّر المالي، خيث لا توجد أي إمكانية للحصول على مداخيل للخزينة العامة، إن من خلال الضرائب (الوضع الإقتصادي) أو من خلال الإستدانة (التعثر المالي).
هذا الوضع دفع الحكومة الى "مصادرة" أموال العراقيين الموجودة في البنك المركزي، وتحولت تلك الأموال الى شحمة في فم "هر" أسمه الحكومة، نقول "مصادرة" وليس "إستدانة"، لأن التاريخ لم يذكر لنا أن "هرا" أعاد الشحمة التي سرقها، ولو لمرة واحدة، فالشحمة التي تدخل بطن "الهر" لن تخرج منها أبدا!
لم تكتف "الهررة" بشحمة البنك المركزي، بل أن شرهها ونهمها دفعها الى التفكير ببيع أصول الدولة، فثبتت ذلك في فقرة ملزمة في مشروع قانون الموازنة، على الرغم من التعافي المشجع في أسعار النفط الخام، الذي وصل هذه ألأيام الى 63 دولار للبرميل، فيما خبراء اللصوصية الذين أعدوا مشروع قانون الموازنة، ما يزالون مصرين على سعر 45 دولار للبرميل، وما يزالون مصرين أيضا، على منح الأردن 100 الف برميل بترول مجانا يوميا، نظير "إستضافة" ألأردن، لرغد إبنة الرئيس "الشهيد" صدام حسين، كما مثبت ذلك رسميا في وثائق الحكومة الأردنية!
إذا كان العراق قد تحول من إقتصاد الدولة، أو ألإقتصاد الشبه إشتراكي، الذي كان سائدا قبل 2003، الى الأقتصاد الحر، فإن النظرية الإقتصادية في الإقتصادات الحرّة، تنصّ على عدم تدخّل الدولة في اللعبة الإقتصادية، إلا من باب الرقابة والتشريع والتنظيم، وليس من حق الحكومة بيع أصول الدولة، فهذه ملكية عامة للشعب، وليس من حقها التصرف بها بيعا، نعم لها حق إدارتها، ومفهوم الإدارة ينصرف الى المحافظة والتنمية، لا حق بيعها الذي يؤدي بالمحصلة الى إنعدام وجود تلك الأصول.
أن دول العالم الديموقراطية تتوجه أكثر فأكثر، نحو الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي هي عبارة عن استخدام مال وخبرات القطاع الخاص على المنصة العامة، هذا هو ما مسموح به، أما أن يتملك القطاع الخاص أموال الشعب بأثمان بخسة، فتلك "لصوصية" مع سبق الإصرار والترصد، خصوصا أن القطاع الخاص الذي ستباع له أصول الدولة العراقية، هو جزء من منظومة الفساد الحاكمة، وهو الذي يقودها!
عملية بيع أصول الدولة تعني، أن الفساد في القطاع العام، سيتمّ تحمليه بالكامل للقطاع الخاص، مع العرض أن القطاع الخاص العراقي متخادم مع الفاسدين، لأنه فاسد من البيضة!.
كلام قبل السلام: بالنتيجة هنالك ضرب للدستور، من ناحية قدسية الملكية العامة، ومن ناحية الثقة بالقطاع الخاص..!
سلام..
https://telegram.me/buratha