قاسم العجرش ||
تصطدم أي محاولة للإصلاح السياسي في العراق؛ بعدد كبير من المعرقلات، ترتبط جميعها بما يمتاز به الواقع السياسي العراقي، من عدد لا يمكن إحصاؤه من التعقيدات والاختلالات، التي لا يمكن التغاضي عنها أو القفز عليها.
مصطلح “الإصلاح” ذاته، بحاجة الى إعادة تقييم لدواعي استخدامه، فـ “الإصلاح” يعني أن وضعا ما؛ كان حسنا في الشكل والمضمون والأداء، ثُم تعرّض لمشكلات وظروف، أدت الى خرابه جزئيا وليس كليا، وأن هذا الجزء المتخرب يمكن “إصلاحه”، أو أنه قابل للإصلاح ليعود الى وضعه الأول الحسن، أي أن “الإصلاح” يعني؛ النزوع لإدخال تطويرات واتخاذ خطوات لتحسين الوضع القائم.
لقد صدعت أدبيات الإصلاح السياسي، والمفردات التي أنتجتها؛ رؤوس العراقيين على مدى عقود دون طائل، لكن المهم في فلسفة “الإصلاح” وما يتبعها من خطط ووسائل وأدوات، وبضمنها عناصره البشرية، أنها تفترض “صلاح” المضمون، وأن هذا “المضمون” أفضل من أي “مضمون” آخر، أو أنه ليس له بديل، أو أن البديل متوفر لكنه مكلف؛ أو يحتاج الى جهد وأدوات ووسائل ليست متوفرة، ولذلك يصبح “الإصلاح” هو السبيل الوحيد، لمقاربة المشكلات وحل ما يترتب عليها من آثار سلبية.
جدلية الافتراض بأنْ لا سبيل أمامنا؛ لحل المشكلات المعقدة التي نواجهها، إلا بالإصلاح وليس بالتغيير، تعني أن بقاء الطبقة السياسية الحالية بمجملها أمر طبيعي، إن لم يكن حتميا، وأن هذه الطبقة قدرنا الذي لابد منه، وأننا شعب عجز تماما عن إحداث التغيير الشامل، بل إن عملية تغيير نظام القمع الصدامي، بكل قيحه وآثامه وآلامه، كانت وبالا علينا وعلى مستقبلنا!
الحقيقة التي يجب أن نعي أهميتها القصوى، هي أننا نحتاج الى إعادة تعريف الإصلاح السياسي، بنفس القدر الذي يجب فيه؛ أن نقارب مفهوم “التغيير” بشجاعة ومسؤولية، وأن نتقبله كوسيلة فُضْلى؛ للوصول الى إحداث عملية تغيير جذرية وحاسمة، وليس إلقاءً في دوامة “الإصلاح” الذي بات لعبة من لعب السياسة!
إذا أردنا الخلاص مما نحن فيه، يتعين أن نربط غدنا بالخيارات الاقتصادية السليمة، وبسيادة القانون، وبتماسك المؤسسات القائمة، وبإدارة الدولة بالطرق الأكثر كفاءة، في تسيير شؤون المواطنين وتلبية حاجاتهم!
الإصلاح لا معنى له في قاموس الشعب، بعدما اتضح له أن معظم المتحدثين عن الإصلاح، هم آباء الخراب وأساطين الفساد، وأن أطروحة الإصلاح ليست كافية كعلاج، بل هي مجرد عملية تسكين لإبقاء الفاسدين، وأن الإصلاح الحقيقي هو بـ”التغيير”، أو “التحول” الذي يبدأ من اجتثاث الفساد بكل أوجهه، وبكفاءة إدارة الموارد والخيارات الوطنية.
مفهوم “إصلاح” ( Reform) في موسوعة السياسة، يعني: {تبديل أو تطوير غير جذري؛ في شكل الحكم أو العلاقات الاجتماعية؛ دون مساس بأسسها، والإصلاح ـ خلافا للتغييرـ ليس سوى تحسين؛ في النظام السياسي والاجتماعي القائم، دون المساس بأسس هذا النظام.. إنه أشبه ما يكون بإقامة دعائم الخشب؛ التي تحاول منع انهيار المباني المتداعية}.
كلام قبل السلام: الإصلاح يعني تكييف الأوضاع القائمة، بقَضِّها وقضيضِها، بوجوهها ووجهاتها، أي أنَّ الوضع يبقى على حاله.
سلام
https://telegram.me/buratha