✍️خالد جاسم الفرطوسي||
ما أقصده هنا من التفاهة ليست شتيمة، بل هو وصف محايد للأشخاص الذين يتدخلون فى ما لا يعرفون.
ولرصد صناعة هذه التفاهة التي أنتجتها لنا السوشيال ميديا، لابد من أن نلتفت إلى ظاهرة أجهزة الهواتف الذكية التي صارت منبراً لمن لا منبر له من خلال بعض الجهلة وأنصاف المثقفين المنبهرين بها، حيث يستلذون بإنهاء دور المثقف الجاد، ليحل محله الإعلام الجماهيري الشعبوي، في محاولة لأن يعطي كل شخص شبه مثقف لذاته عمقًا أكثر مما يستحقه، أو لتحقيق مآرب وأهداف لأجندات خاصة نعرض عن ذكرها في مقالنا الموجز هذا.
وقد انقسم أولئك الذين هم في معرض مقالتنا هذه إلى قسمين: الأول أشخاص يجيدون التثقيف والحديث ولهم مسارهم العلمي أحياناً.
والقسم الثاني هم التافهين الصاعدين على منابر الإعلام الجماهيري الشعبوي، الذين يطرحون أنفسهم كمؤسسين وقدوات للأجيال الحالية والمستقبلية.
القسم الثاني تراهم ينبتون بلا جذور، فيبزغ حضورهم الإعلامي فجأة، من خلال الدعم المدفوع ومن بعض الأصدقاء والمؤسسات، لينشغلوا بالحديث في توافه الأمور، مغترين بالبيئة المحيطة بهم من أناس تافهين نظيرهم وهم يطبلون لهم بالتغريد والإعجاب والمشاركات والتعليقات التي تراها تنم عن حالة من التجهيل المنظم.
هذه الظاهرة المؤلمة من على السوشيال ميديا أنتجت تغيير لبعض القيم الصالحة لتحل محلها القيم الطالحة، مما زاد وكنتيجة طبيعية قلة الأدب وإعمام الشتيمة والعبث بأخلاق المجتمع معلنة أنها تدعو لقيم معينة، من أمعن بها وجدها لا تمت للدين والأخلاق بشيء.
ظاهرة صناعة التفاهة هذه من خلال السوشيال ميديا أصبحت بديلًا للمراجع والأصول العلمية والدينية الحقيقية، حيث كل شخص يعبر عن ذاته بما يحبه وما يكرهه فى سطحية شديدة بدون أي مرجع أو وثيقة.
وهنا يتوجب على الدعاة والمصلحين التأسيس لوعي يجعل لهذه الثرثرة حدودها الطبيعية، فالثقافة الأصيلة بكل مجالاتها لا يمكن أن تأتي إلا عن طريق تأسيس وبناء منهجي صحيح، يتصدى له الدعاة والمثقفون الملتزمون الواعون، وفي غير ذلك سيتم تحويل كل شيء من خلال صناعة التفاهة هذه وبشكل تدريجي إلى تفاهة متداولة تفرغ كل عمق، ليتصدر بذلك كل جاهل سطحي واضعاً نفسه ملهماً ونبراساً.
https://telegram.me/buratha