المقالات

لله في خلقه شؤون..وسائل التواصل وتزييف الحقيقة

1361 2021-02-05

 

سعد الزبيدي * ||

 

الحديث عن التطور التكنلوجي وخاصة في مجال الإتصالات حيث تحول العالم بأسره إلى قرية صغيرة كسرت كل الحواجز الحقيقية والمصطنعة وفتحت الآفاق أمام الجميع للولوج إلى العوالم المجهولة والبعيد وسبر أغوارها للاستزادة من المعرفة وشبع الفضول أو تطوير الذات وما زالت الدراسات البحثية حول تأثير ومخاطر استخدام هذه الوسائل بصورة مفرطة في بداياتها وعلماء النفس والإجتماع يؤكدون أن آثار جانبية خطيرة تنعكس على الشخص تؤثر على سلوكياته.

ورأيي المتواضع أن هذه الوسائل لا تقل خطورة عن المخدرات والكحول فالمدمن يهرب إلى حيث النشوة من أثر الخمر والمسكر والحشيشة حتى يصل إلى مرحلة الإنفصام على الواقع ويبدأ العقل الباطن للظهور وتنكشف اسارير المدمنين ورغباتهم المكبوتة إضافة إلى كشف معاناتهم وما يخبئونه عن الآخرؤن من مشاكل وهموم وتنكشف حقيقتهم وحقيقة نواياهم تجاه أنفسهم والآخرين والمجتمع.

فكم من مدمن أو محتس للخمر إنقلب من إنسان هاديء محترم إلى إنسان بذيء عدواني سيء الخلق هذا لأن الخمر أطلقت العنان لرغباته المكبوتة التي يلجمها عقله الواعي.

استذكر هنا ما نقله أحد الأصدقاء عن فنان معروف من الجيل الأول الذي هو إضافة إلى كونه مطربا فهو رسام بارع يعرفه الجميع بدماثة خلقه ووداعته وطيبته ولكن عندما كان يتعاطى الخمر ويصل إلى مرحلة النشوة والسكر ينقلب إلى إنسان همجي يشتم الناس والمجتمع ويلجأ إلى اطلاق العيارات النارية من مسدسه.هكذا هو الحال مع المدمنين للكحول والمخدرات.

أما وسائل التواصل فلن تختلف كثيرا عن المخدرات والمسكرات حيث يلجأ أغلبنا إلى تسويقه نفسه بصورة مثالية لا تمت للواقع بصلة فترى البعض يريد ان يخدع الآخرين بقناع يرتديه لغاية ما عندما يستخدم وسائل التواصل فهو المؤمن الحر  النزيه المدافع عن حقوق المرأة والطفل والحيوان وهو الكريم الشجاع النبيل الوطني...الخ.

أكثر الناس خداعا للناس من أدمن على الولوج لوسائل التواصل بغية نشر أكبر عدد من الصور حتى تحولت حالته إلى حالة مرضية فهو ينشر صورا لمناسبة أو من دون مناسبة وتراه يبحث عن أي مناسبة دعي لها أو جاءها من غير دعوة كي يصور نفسه وينشر تلك الصور لكي يرضي غروره أولا ولكي يخبيءعقد النقص وعدم الثقة بنفسه وعدم احترام الذت وهكذا هو يجتهد في هذا حبا في الظهور كي يقنع الآخرين أنه شخص مهم وربما يظن أن الكون من دونه سيصاب بالفوضى.

هذه الشخصيات التي تتعامل مع وسائل التواصل بهكذا طريقة  إنفصمت على الواقع وأصيبت بالشيزوفرينيا وهي تحتاج إلى علاج نفسي والمضحك المبكي أن يكون الإنسان سكيرا ولاعبا للقمار ولص وحرامي ومرتش وتجده يبعث للآخرين حتى الذين يعرفونه جيدا عبارة ( جمعة سعيدة) من على طاولة الشرب والقمار أو من ملهى بعد منتصف الليل وكأنه يريد أن يقنع الآخرين أنه مؤمن ملتزم لا يرتكب من الذنوب شيئا !!!

وهكذا أغلبية من يرسل أدعية وأصبوحات جميلة ومن يشترك في مجموعات للمثقفين وهو لا يقرأ ولو ورقة من كتاب في العام كله أو من يدافع عن الديمقراطية والحرية وهو دكتاتور متزمت فهو يستخدم أعذب الكلمات في مجموعات الآنسات والسيدات ويقدس حقوقهن وزوجته لم تره يبتسم إلا قبل الزواج وهو يصر على أن تكون جارية فيبيته أو خدامة تلبيى طلباته ويحرمها من أبسط حقوقها في الرفض أو التعبير عما في داخلها تجاهه وتجاه المجتمع الذكوري الذي ينتمي له.

كثير من هؤلاء استغل هذا التطور وارتدى الزي العربي ومنح نفسه لقب شيخ وكم من أصبح سفيرا للسلام أو أصبح دكتورا بين ليلة وضحاها أو تحول إلى منتم للطبقة المثقفة فصار كاتبا أو شاعرا أو محللا سياسيا فقط لأنه واضب على زيارة شارع المتنبي أيام الجمع.

البعض أراد أن يستغل وسائل التواصل لكسب عطف الناس أو احراجهم فروى قصة من تأليفه عززها بصور كمرضه وتدهور حالته أو تهويل إصابته بحادث ما أو خسارته أمواله مع صور حزينة للحصول على مبلغ من المال مع سكب مال وجهه.

تبقى وسائل التواصل وسيلة من وسائل المعرفة وسبر المجهول وزيادة الثقافة وتلاقح الأفكار والرقي بالمجتمعات لدى الطبقات المثقفة التي تساهم في تشخيص العلل ووصف العلاجات الناجعة.

و... لله في خلقه شؤون.

*كاتب ومحلل سياسي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك