حافظ آل بشارة ||
تمر هذه الايام الذكرى 42 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران ، تلك الثورة تمنى انصارها ان تكون حدثا عابرا للمذهبية الا انها اصبحت عابرة للأديان ، اي ثورة ذات اصداء عالمية ، اعداؤها اتهموا ايران بتصدير الثورة بينما في الحقيقة كانت شعوب المنطقة تستورد الثورة روحا ومنهجا وتتفاعل معها ، الثورة الاسلامية قدمت اعادة تعريف للانتماء ، وقد صدمت آليات التقسيم القطري للعالم الاسلامي ، ومنحت الوطن الصغير كل هيبة وقدسية الوطن الكوني العابر للحدود ليكون كل وطن اسلامي حاضنة لثورة مماثلة ، لتكون شرعية الاوطان الاسلامية المتعددة متوقفة على فهمها للهوية الكونية للثورة الاسلامية ، فحدود سايكس بيكو اصبحت امرا واقعا يتعلق بسيادة بلدان وهويات شعوب ولا يمكن التنازل عنها استجابة للمرض التوسعي الذي اصيبت به دول الاستكبار القادمة من وراء البحار ، لكن حدود الاوطان الاسلامية وسيادتها لا تحول دون استيراد الثورة والتفاعل مع مبائها العابرة.
اميركا تفتخر انها تقوم بتعميم (العولمة) بكل اشكالها العولمة السياسية ، العولمة الاقتصادية ، العولمة الثقافية ، العولمة الأمنية ، وعولمة اميركا معناها الهيمنة على العالم وفرض النموذج الامريكي في كل مكان ، لكن عندما يريد المسلمون ان يصنعوا عولمتهم تتفجر في وجوههم الحروب الناعمة والخشنة ويتهمون بأنهم مصدر تهديد للحضارة والاستقرار ، لكن في النهاية فرضت الثورة مفرداتها القيمية والاخلاقية وثقافة الاستقلال وتحولت الى مظلة لكل احرار العالم الاسلامي ، ولم يجد المستكبرون وسيلة لاسقاط الثورة الاسلامية الا جربوها ، وفي النهاية فرضوا عليها الحصار الاقتصادي الذي استمر اكثر من 40 عاما ومازال مستمرا ، وكانت سنوات الحصار الثلاث الأخيرة هي الاقسى والاكثر وحشية عندما اصبح هدفهم المكشوف تجويع الشعب الايراني لتركيعه، لكن هذا الحصار ادى الى نتيجتين مهمتين الاولى في الداخل حيث انها ساعدت ايران على بناء اقتصادها وادارتها وسياستها واكتفاءها الذاتي وعلاقاتها الاقليمية والدولية بالاعتماد على قدراتها المحلية فاحرزت نجاحات هائلة خاصة في قطاع الدفاع وتصنيع الاسلحة الستراتيجية التي فرضت قواعد جديدة في توازن الردع .
اما النتيجة الثانية فهي التعاطف الواسع من قبل الشعوب الحية في المنطقة وفي العالم ، وبمرور السنين تحول التعاطف والولاء للثورة الاسلامية في العالم من ثقافة البناء الذاتي الى ثقافة المقاومة ، جيل جديد يحمل السلاح ليقاتل الطواغيت ، لذا فالمرحلة المقبلة المتوقعة هي مرحلة التحرر وطرد المستكبرين من المنطقة ، الثورة تأريخ لا يعود الى الوراء ، الاعلام الامريكي والصهيوني والخليجي يوجه سيلا يوميا من الشتائم والاتهامات والاشاعات والدعاية والتحريض والتشويه ضد الثورة الاسلامية ولمدة اربعين سنة ، لم تتعب الثورة ولم يتعب انصارها في محور المقاومة بل يزدادون قوة وتفاؤلا ونحن اذ نتكلم عن الثورة الاسلامية يجب ان نتذكر البقاع الاقليمية التي تأثرت بها واستنسخت تجربتها وهي سائرة نحو النصر ، فان استهدف المستكبرون مركز الثورة في ايران فكيف سيواجهون المراكز الاقليمية المتنامية للمقاومة في الخليج واليمن والشام والعراق والتي اصبحت بقاعا للثورة والجهاد تهدد وجود اسرائيل والانظمة العميلة لأميركا واسرائيل ، كانت تفاصيل صفقة القرن والتطبيع محاولات لاختلاق بقاع صهيونية تخترق جغرافيا المنطقة ، حكام المنطقة الجبناء يطيعون مخطط التطبيع لكنهم يعلمون ان اسرائيل عاجزة عن حمايتهم ، لأنها عاجزة عن حماية نفسها ، هذا هو المسار النامي للثورة الاسلامية عبر اربعة عقود ، كلما قال الاعداء ستفنى ازدادت صلابة وانتشارا في كل مكان لتتحول من ثقافة الى كفاح مسلح .
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha