قاسم العجرش ||
يحيل بعض الباحثين التطرف في الإسلام، الى زمن القرن الأول الهجري، مبتدئين بالفتنة الكبرى ومصرع الخليفة عثمان بن عفان، وبعضهم يشير الى بدايات الاختلاف بين المسلمين، في تأويل النص القرآني وتفسيره وفهمه، ويرون ان الظروف والمشاكل السياسية التي واجهتها الأمة الإسلامية آنذاك، كانت هي التي اسست لنمو الفكر المتطرف، وتشكل بعض الفرق والجماعات الإسلامية، التي تبنت ايديولوجية متطرفة تقوم على رفض ومقاتلة كل من يخالفهم في الرأي، وعرفت بالتعصب لآراء مؤسسيها على حساب الدين، واستغلال ذلك كمبرر للقتل والتنكيل بخصومهم؛ من المسلمين وغير المسلمين..
لكن الحقيقة المسكوت عنها إسلاميا وعلى نطاق واسع، هي أن التطرف وما صاحبه من فرض للآراء بالقوة، وما تبع ذلك من عمليات؛ تهدف الى الإستيلاء على السلطة بالقوة، برز الى العلن مع اللحظات الأولى لاستشهاد الرسول الأعظم صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
كانت "السقيفة" وما جرى فيها لحظة فارقة في حياة الأمة، وما نزال نعاني من ارتداداتها الى اليوم، وسنبقى نعوم على المشكلات التي خلفتها، الى أن ينتهي الزمان أو ننتهي جميعا..!
قبلها كان الرسول في لحظات ارتحاله الى لقاء ربه في رحلته الأبدية يقول: (هلم اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابداً) وما أن اتم النبي هذه الجملة، قال "الفاروق" موجها كلامه لمن حضر؛ (ان النبي قد اشتد به الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله)، وعلى الفور انقسم الحاضرون الى قسمين: القسم الاول يقول (قربوا يكتب لكم رسول الله)، والقسم الآخر يقول ما قاله عمر، فأكثروا اللغو والاختلاف عند النبي، حتى بلغ الامر بالقسم الذي ايد عمر ان قالوا (حاشا للرسول، هجر رسول الله ان رسول الله يهجر)، ورسول الله يسمع ويرى، عندئذ قال رسول الله (دعوني فالذي انا فيه خير مما تدعوني اليه)..
في تلك اللحظة انشق الإسلام الى قسمين: جماعة تؤيد عمر وهو التابع، وجماعة تؤيد النبي وهو المتبوع، فأزال"الفاروق" الفوارق بين التابع والمتبوع، ونجح ومؤيدوه بالحيلولة بين النبي وبين كتابة ما يريد.
ارتحل النبي؛ غاب القمر المنير الذي اضاء الوجود بنوره، وشاع الخبر، وهرع سكان المدينة وتجمعوا في بيت النبي واحاطوا به، يبكون نبيهم ووليهم وامامهم الاعظم، والآل الكرام وعلى رأسهم الولي والخليفة بعد النبي؛ منصرفون كلهم وبكليتهم الى مصابهم الذي لا مصاب مثله، ومشغولون بتجهيز النبي لمواراته في ضريحه الاقدس..في هذا الوقت بالذات انعقد الاجتماع في سقيفة بني ساعدة!
الصحابة "الأجلاء" ذهبوا الى "السقيفة" في صراع على من يرث السلطة، مع أن أمرها محسوم بنصوص قرآنية ونبوية يعرفونها جميعا، بل ان معظمهم حفظها عن ظهر قلب.. لكنه المُلك..!
الصراع بين المهاجرين والأنصار..منكم وزير ومنا أمير، تبادلوها فترة لكم وفترة لنا..لم يتفقوا على شيء، اقتربوا من لحظة الإقتتال، صارت إيديهم على مقابض سيوفهم، في تلك اللحظة المعقدة، التي أسست لما نحن فيه اليوم، سُمعت جلبة وضوضاء، فقد جاءت "أسلم" وحُسم نزاع القوم!
أسلم قبيلة من قبائل العرب التي اعتادت الإغارة والسلب وقطع الطرق، كان إسلامها حديثا لنيل المغانم وليس عن إيمان، وقد استُخدمت في معركة السلطة كأداة قمع لمناصري علي عليه السلام بشكل علني.
يذكر الطبري في تاريخه؛ رواية عائشة عن عمر: لقد خوّف عمر الناس وان فيهم لنفاقا فردهم اللّه بذلك، وقال عمر حين رأى قوات (قبيلة أسلم) تدخل المدينة لنصرة ابو بكر: الآن أيقنت بالنصر (الطبري).
قال الطبري: (فاقبلت اسلم بجماعتها حتى تضايق بهم السكك فبايعوا ابا بكر، ويصف عمر تلك اللحظه بقوله: ما هو إلا أن رأيت اسلم فأيقنت بالنصر). تاريخ الطبرى 2/458. وط اوروبا 1/1843.
وقال ابن الاثير في (الكامل فى التاريخ): (فجاءت اسلم فبايعت) الكامل في التاريخ لابن الأثير ج 3 ص 24 آخر سيرة عمر من حوادث 23، وعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد ج 3 ص 107 و 97 وقد نقلها عن تاريخ بغداد.
(أسلم) أول ميليشيا داعشية في تاريخ الإسلام..!
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha