المقالات

تحقيق العدالة الاجتماعية لتلبية الاحتياجات المهمة


 

عبد الخالق الفلاح *||

 

لقد حفل التراث الديني والإنساني في مساراته المختلفة بتواصل جلي مع قضية العدالة الاجتماعية وهناك الكثير من الاحاديث  والسور القرانية المؤيدة و التي مثلت القضية المركزية والباعث لسائر الثورات والتحولات الاجتماعية الكبرى ايضاً ،واعتبرته حساباً واحدة من القضايا الحاضرة في دائرة البحث والمسعى الإنساني على مر الحقب، فلم تبارح محل القلب منذ بواكيره ووضعته في دائرة النظر والفكر الإنساني  ولم تغادره مطلقاً ، وهناك عوامل تضيف قدراً من التعقيد حول المفاهيم والمبادئ المؤسسة لهذه القضية و تظل متعددة المنابع والروافد والحقول ومظان التأثر والتأثير، وثمة روافد ومنابع موصولة متعددة بالمؤثرات والمرجعيات باختلاف الشرائع والأديان والمدارس الفلسفية، مما يفضي إلى القول بأن الأمر موصول بتباين المقاربات الفلسفية والمعتقدات الدينية والمبادئ الأخلاقية ، إن موجـات الصراعـات واالضطرابـات التـي هيمنـت علـى المنطقـة فـي العقـد الماضـي كانـت علـى حـد ســواء ســبب لعــدم إعطــاء الاولويــة الكافيــة للعدالــة الاجتماعيــة كهــدف إنمائــي رغم ان مفهوم العدالة الاجتماعية فيها الكثير من المفاهيم الشاملة والتي تمس جوانب من حياة البشر بجميع اشكالهم وعقائدهم  وفي ظل تطبيقها يتم تحقيق المساواة والعدالة  بين جميع افراد المجتمع في فرص العمل وتوزيع الثروات والحقوق السياسية وفرص التعليم والرعاية الصحية وغير ذلك , وتحقق للناس جميعا الحياة الكريمة العادلة بعيدا عن مشاعر الاحساس بالظلم او القهر نتيجة سلب الحقوق او الاستئثار بالثروات او احتكار أي منها لطبقة من المجتمع دون اخرى , وبالتالي يتمتع جميع افراد المجتمع  في ظلها بعيش حياة كريمة بعيدا عن التحيز وبغض النظر عن الجنس او العرق او الديانة او المستوى الاقتصادي او القرابة من هذا المسؤول او ذاك، ويجئ باضطراد وفق سياقات متباينة، ويُراد به جملة معاني تتسع أو تضيق في مدلولاتها عند وصلها بحقول الاجتماع الإنساني المختلفة، بيد أننا نتبنى تعريف توجيهي كلي يتسم بالشمول والسعة ليستوعب الأبعاد الرحبة للعدالة الاجتماعية، فمفهوم العدالة الاجتماعية يعني تعميماً "حالة عمادها ومحورها إقامة العدل في المجتمع وانتفاء الظلم فيه ،ان نجاح المجتمعات في الانتقال وبناء السلام، يجب معالجة قضايا مثل التمييز الممنهج والإقصاء والنقص في المؤسسات وانعدام المساواة والإفلات من العقاب.

"السلام لا يتحقق وحده بمجرّد إسكات صوت البنادق أو توّقف جرائم الانتهاكات، بل ينبغي الاعتراف بالمعاناة التي تكبّدها الضحايا وإعادة الثقة بمؤسسات الدولة وقوات إنفاذ القانون. "في السودان على سبيل المثال، كان الدافع الأساسي لإسقاط النظام هو مطالبة جميع أطياف المجتمع بالعدالة، وجاءت المظاهرات بعد عقود من تراكم الإفلات من العقاب على جرائم انتهاكات لحقوق الإنسان. وأدّت الاحتجاجات الشاسعة حول العالم إلى إعادة القوة للمطالب الشعبية من أجل المساواة والعدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين والعدالة المناخية والحقوق الأساسية " كما تقول مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان السيدة ميشيل باشيليت.

أن مصطلح العدالة الانتقالية ظهر بعد موجة من التغيرات السياسية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي في أميركا اللاتينية ووسط وشرق أوروبا وفيما بعد في جنوب أفريقيا، جرى بعد ذلك تبني إجراءاتها كما تنفذها بعض الدول وتتابع مسارها دول أخرى حول العالم. وقد تطور هدف العدالة الانتقالية في العقدين الماضيين مع تنامي الخبرات وتغيّير ديناميكية الصراعات. وقد أشار مجلس الأمن إلى العدالة الانتقالية عبر تشكيل لجان تقصي الحقائق أو تكليف قوات حفظ السلام أو بعثات سياسية خاصة مثل بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق (يونامي)، و المبعوثين والممثلين الخاصين للأمين العام يعززون العدالة الانتقالية من خلال اتفاقيات السلام ولعل الظروف التي شهدها العراق ما بعد التاسع من نيسان 2003 وترسبات الاستبداد السياسي للأنظمة السابقة جعلت المجتمع العراقي في مواجهة تحديات وإشكالات عديدة سياسية، اقتصادية، وأمنية، واجتماعية فرضت نفسها على الواقع  وعلى مدى استقرار المجتمع، ومن ثم على إمكانية بناء الدولة العراقية على أسس جديدة، ولعل أهم تلك الإشكالات التي شكلت كابحاً أمام بناء الدولة بمؤسساتها كافة هي الإشكالات الاجتماعية، إنطلاقاً من أن تحقيق البناء الإنساني والاجتماعي للفرد يُعد حجر الزاوية في تأسيس أركان الدولة الحديثة إلى جانب الأبعاد الأخرى، والمشكلة الرئيسية التي يعاني منه العراق حالياً  غياب العدالة الاجتماعيه وانتهاك واضح لحقوق الانسان انعدام تكافؤ الفرص و الخدمات وانهيار البنيه التحتيه  والاقتصادية وعدم توفير مستلزمات الانسان الضرورية ما يشمل إشباع حاجاته الأساسية واقتسام الموارد المادية على أساس المساواة ومن ثم  إتاحة الفرصة للجميع للوصول إلى الخدمات الأساسية في مجالات الصحة وتوفير الحماية للأفراد والمجموعات المحرومة.وفشل التعليم وتدهور الصحه وانتشار الامراض  وانتشار اخطر الظواهر الاجتماعيه  السلبيه المتمثلة بتجارة الاطفال والنساء والجرائم والخطف والانفلات الامني والمخدرات التي اخذت بالانتشار بسرعة  و مشاهد و مناظر مؤلمه لأسر تعيش في مكانات غير ملائمة للسكن وتتغذى على المزابل  بسبب عدم قدرتهم على الشراء وفقدانها للسكن فى مكان مناسب بسبب الفقر حيث يجعل حال البلد فى حافة الفقر و ازدياد التفاوت في الفرص بين الشرائح العليا من جهة والشرائح الدنيا والطبقات الكادحة من الفقراء لعدم قدرتهم على شراء هذه الخدمات ومـن الطبيعـي أن القضايـا الهامة المتعلقـة  بالعمالـة  و البطالـة وعـدم التوظيـف التي تعيق اي  نشاط  تنموي أو إصلاحي يقـوم علـى تحقيـق العدالـة الاجتماعيـة لهؤلاء ولفئات المجتمع المختلفة الاخرى تحتاج الى دراسة الاسباب وإصلاح!

  وتنظيم  الحياة الطبيعية للعمالة القادمة لمثل هؤلاء الافـراد، إلـى  جانـب  المؤسسـات الاساسية الفاعلة  و منظمـات المجتمـع ًالمدني لكي يتوفر الاسـتقرار في البلد علـى نطـاق واسع ، وبالتالي تقليص فرصهم في تحسين مستوى معيشتهم ولذلك برز على نحو متزايد التهميش الاقتصادي والاجتماعي لهذه الفئات وهو في تزايد مضطرد

* باحث و اعلامي

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك