قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
منذ أن تشكلت الدولة العراقية، بنسختها الفيدرالية الجديدة بعد زوال نظام القهر الصدامي، وشمال العراق يتمتع بوضع شاذ في تصنيفات إنشاء الدول، فهو أكثر من أقليم وأقل بقليل من دولة، وبالحقيقة هو أقرب الى دولة مستقلة منه الى أقليم، فضلا عن أن الدولة العراقية ذاتها ليس لها من صفات الدولة الفيدرالية إلا أسمها، فهي بالواقع مكونة من حكومة مركزية منزلتها منزلة أقليم، أتحد معه أقليم شمال العراق إتحادا إنتفاعيا، وليس إتحادا مصيريا..
الأكراد عموما والمسؤولين منهم على وجه الخصوص يأنفون من أن يوصفون بأنهم عراقيون، وحتى إذا قبلوا بجزء من هذا التوصيف، فإنهم يسبقون أسمائهم بإنتمائهم الأثني، فيقولون أنهم كرد عراقيين، وليسوا عراقيين كرد.!
سنويا وحينما يحين تصديق الموازنات من قبل البرلمان، يستثمر الإنتفاعيين الأكراد المناسبة، لمزيد من عمليات حلب حكومة بغداد، غير عابئين بالضائقة الإقتصادية التي يمر بها العراق والعالم، فيقومون بإستعراضات إعلامية يلوحون فيها بالإنفصال، فهل هم حقا راغبين بالإنفصال وهل يمكنهم ذلك؟!
الحقيقة التي يجب أن نقف عندها بمسؤولية، هي أن "وضع" الحكم الكردي، قد بلغ سن الرشد، فها هم يدخلون عامهم الثامن عشر؛ من وضع شبه الإستقلال بعد زوال نظام صدام، سبقتها إثنتا عشر سنة من إستقلال تام عن نظام صدام، أي أن عمر شبه الدولة الكردية بلغ ثلاثين سنة، وهي ليست قليلة في قياسات تشكل الدول، فلماذا لا يعلن الأكراد دولتهم المستقلة وينتهي الأمر، أم أن في بقائهم مع العراق فيه مصلحة لهم؟!
الأكراد أنشأوا دولة كاملة لا ينقصها سوى الإعلان الرسمي، ويوم يعلنون دولتهم، سيجدون كثير من دول العالم تعترف بهم كدولة مستقلة، لا سيما أنهم أقاموا علاقات دبلوماسية منفصلة؛ مع معظم الدول التي للعراق تمثيل دبلوماسي معها، وبالتأكيد فإن إسرائيل ستكون الدولة الأولى التي تعترف بالمملكة الكردية، وبملكها المتوج منذ ثلاثين عاما؛ جلالة العاهل الكردي مسعود بارزاني..
لكن مع ذلك فإن الأكراد ليسوا مستعجلين من أمرهم، فضرع العراق لم يجف بعد، وهم مستمرين في بناء مقومات مملكتهم، بالأموال العراقية فقط، أما الناتج القومي لمنطقتهم، فهو ملكهم وحدهم ولا يرفدون الموازنة السنوية الإتحادية؛ بدينار واحد قط منذ 2003 ولحد هذه الساعة، وسيستمر الحال الى قيام الساعة..الساعة التي نقصدها هي ساعة قيام المملكة الكردية، التي لن ترى النور في أمد منظور، ليس لأنهم غير قادرين، بل لأنهم لن يجدوا وضعا افضل من الوضع القائم، وهو وضع دولة تأكل من أكتاف دولة أخرى!
ولكي يستمر هذا الوضع؛ فإن الساسة الأكراد يتعاطون بذكاء خارق مع حكومة بغداد، التي لا تستحق وصف الحكومة المركزية، لأن وضعها وضع أقليم متحد مع أقليم كردستان؛ وهم يلوحون بالإنفصال كلما كانت هنالك إستحقاقات سياسية أو أقتصادية، فضلا عن رعايتهم العلنية للإرهاب ولأعداء العملية السياسية، فاربيل باتت الملاذ الآمن لكثير من أعداء العراق، فضلا عن كونها مرتع خصب؛ لنشاطات العديد من أجهزة المخابرات الدولية، وفي مقدمتها المخابرات الأسرائلية.
ثم أن الساسة الأكراد يعلمون جيدا؛ أن ليس هناك حق للانفصال في القانون الدولي، وجميع القوانين الأوروبية والدولية لا تدعم الانفصال..نعم أن القانون الدولي يضمن للشعوب تقرير مصيرها، ولكنه يضمن للدول وحدة أراضيها أيضا، وفي القانون الدولي ليس هناك حق للانفصال؛ ما لم يتفق الطرفان عليه، وهذا ما ينطبق على الحالة الكردية، وبالتالي فإن الانفصاليين الأكراد يعرفون أن لديهم أوراق سيئة، قانونياً وسياسياً.
كلام قبل السلام: على حكومة إقليم بغداد دعوة الأكراد، الى الشروع فورا بمفاوضات لمنحهم إستقلال كامل، ومن المؤكد أن الأكراد سيرفضون مثل هذه الدعوة بشكل قاطع، لأنهم سيخسرون منجم الذهب مال القشامر..!
سلام..
https://telegram.me/buratha