يعتبر الإنتاج الإعلامي مرآة الشعوب في عصرنا الراهن فهو الأداة الناعمة لتسويق الدولة لنفسها ورسم الصورة التي تريد أن ينظر بها الآخرون إليها ؛ فقد لعبت السينما الأمريكية الدور القوي في تكوين الفكرة النمطية عن الإنسان الأمريكي وكانت لا عابا فاعلا في تدعيم المعسكر الغربي خلال الحرب الباردة حين صور نفسه بالمارد القوي ذي الترسانة التي لا تقهر مارد متحضر إنساني ديمقراطي ويحترم حرية التعبير وصورت خصومها بعديمي الضمير المتخلفين الانفعاليين المستبدين والضعفاء وقد نجحت السينما والدراما الأمريكيتين أيما نجاح في تمرير أجنداتها السياسية والثقافية باعتبارهما سلاح أمريكا الناعم. وقد ساهمت الهالة الإعلامية الغربية في تعزيز معنويات الإنسان الغربي وتحطيم معنويات الشعوب الأخرى من خلال تلك الصورة المستمدة من تقنيات الإخراج والمؤثرات الفنية صورة لاتزال سائدة حتى وقتنا الراهن نتيجة لتفوق الغرب في الإنتاج الإعلامي بشقيه السينمائي والتلفزيوني. وفي بلداننا العربية تم الانتباه لأهمية الإنتاج الإعلامي حيث دخلت صناعة السينما والتلفزيون كمظهر من مظاهر التمدن والعصرنة وبالرغم من تباين الترسانة الإعلامية العربية مع نظيرتها الغربية تباين أهدافها إلا أنها أضافت لمحة حسنة عن البلدان التي كانت سباقة لهذا المجال ويجتهد الإنتاج الإعلامي أينما كان وفي أي بلاد وجد في تكوين صورة براقة عن مجتمعه يقدمها للغير إسهاما في تسويق البلد بحلة بهية وتدعيما وتشجيعا للسياحة وإضافة نوع من الألق على الصورة الخارجية حتى ولو بولغ فيها أيما مبالغة بغض النظر عن الواقع الحقيقي المعاش فقرا كان أو ضعفا أو تخلفا. والمشاهد للسينما العربية والقريبة من محيطنا في أي بلد تم إنتاجها لن يخرج بصورة صادمة عن البؤس والمسكنة والشقاء والبداوة والعفن كما هو انطباعه حين ينتهي من مشاهدة لقطات لا رابط بينها مما نسميه دراما محلية. اتعس مثال مسلسل فايروس الذي يعرض على قناة U TVتلك الدراما التي تبعث في نفس المشاهد العراقي قبل الغير الخارجي نوعا من الضحالة وقلة الارتباط بالمجال والتي لا تقع عينها ولاتسلط على الأفكار الإيجابية في الجامعات والكليات الحكومية والاهلية وتسليط فكرة الانحطاط الأخلاقي وابراز المجتمع العراقي بهذا الصورة الغلط . لقد شكلت النجاحات التي حققها مخرجون العراقيون في الغرب نقطة مضيئة عن صورة العراقية السينمائية بالرغم من كونها صورة صنعها أفراد محترفون لا يزال شغفهم بالسينما يدفعهم لتقديم المزيد حتى رفعوا اسم بلدهم عاليا في محافل دولية توجوا على مسارحها بتكريمات رفيعة. . وبالرغم من تلك النجاحات الخارجية لشخصيات العراقية في الخارج إلا أن الواقع الداخلي لا يمت لتلك النجاحات بأية صلة فقد شكل غياب معاهد للفنون الجميلة ودور للسينما غيابا تاما للإنتاج الإعلامي العراقي بشقيه السينمائي والتلفزيوني ليملئ ذلك الفراغ بمهتمين بالتمثيل والإخراج ليس لديهم أي إلمام بالمجال ولا يملكون أية دراية بتقنيات الإخراج ولا الإنتاج ولا التمثيل ؛ شبه هواة يحاولون القيام شيء ما يملؤون به الحيز الفارغ من حياتنا الثقافية ؛ لتخرج المادة المنتجة مبتذلة سطحية وساذجة بدءا مما نسميه مسلسل فايروس الذي يعرض على قناة U tv المعروفة لمن تملك تلك المهزلة التي شوهت صورة البلد أيما تشويه فصورت جامعات العراقية بالفقير المعدم الساذج وصورت الطلاب والطالبات العراقية شخصيات عديم الأخلاق وتبحث عن شهوتهم متنسي ء هذا المهرج لمسلسل عشرات الرسائل الدكتوراه والماجستير من الجامعات والكليات. ترك كل هذا. دراما بمشاهد مرتجلة يغيب فيها السيناريو والحوار وتقوم على أساس الفكرة فقط فكرة تنتتج دون مراعات للجوانب الأساسية لأبسط تقنيات الإنتاج فضلا عن رداءة الإخراج والتصوير وغياب تام لحقيقه . فعندما يتولى الأمر غير أهله فلا يمكننا أن نحصل على صورة أكثر تعبيرا عن حياتنا المجتمعية أفضل من تلك الصورة التي تذبحنا بها الدراما مسلسل فايروس
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha