المقالات

تصدُّعُ حقوقِ الإنسان في مرحلةِ التغوُّلِ والطغيان

1142 2021-01-31

 

محمد الجاسم ||

 

بعد سقوط النظام الديكتاتوري في العراق،استطاع العراقيون أن يستفيدوا من أجواء الحرية المتاحة ويوثقوا الأرشيف الدموي لتعامل النظام السابق مع المواطن العراقي،ويفضحوا الممارسات القمعية التي كانت تقوم بها دوائره اللاأمنية بحق المتهمين والأبرياء على السواء.لكن المؤسف والصادم للرأي العام والمشهد القانوني للعدالة في العراق المعاصر،أن تجري اعتقالات بطريقة مخالفة للقانون ويودع الموقوفون دون مذكرات قبض قضائية،في سجن خاص.

 لأول مرة في عراق الديموقراطية،تنبري اللجنة البرلمانية المشكَّلة بالأمر البرلماني المرقم(148) في السابع عشر من ديسمبرالماضي، بتسجيل وإدانة عدد من الإنتهاكات الصارخة لحقوق المعتقلين،بطريقة مخالفة تماماً للدستور ومواده القانونية، كتعرض بعض المتَّهمين الى الإستجواب القسري،دون أن يتم عرضهم على قاضٍ مختص، وقد بلغ بالبعض منهم الإنتظار أكثر من عشرين يوماً،دون أن يروا قاضياً أو محامياً.كما تعرّض البعض الآخر الى التعذيب الجسدي،والإستنطاق العنيف،أمام محققين سرّيّين،يتعاملون مع محكمة خاصة ،يُصار الى إحالة الدعاوى إليها بأمر حصري من رئيس الوزراء،ضمن اللجنة التي سميت في الإعلام (لجنة الفريق أبو رغيف)،وهذا مايذكِّرنا بالمحاكم الخاصة في زمن الطاغية ومحكمة الأمن العامة ومحكمة المخابرات ومحكمة الثورة وغيرها من المسمّيات الوهمية للعدالة المزيفة، آنذاك.

إن تشكيل لجان تحقيقية سرية، وما تؤول اليه تفاعلات القضايا المحالة الى محاكم خاصة، يتقاطع تماماً مع الدستور ومواده المنظِّمة للتشكيلات القضائية المتخصِّصة في هذا المجال،كمحاكم التحقيق في قضايا النزاهة وغسل الأموال والجريمة الإقتصادية.

كما أوضحت اللجنة البرلمانية في بيانها الصادم ،آنف الذكر، تعرّض المتّهمين للتعذيب أثناء التوقيف ومنع اللجنة البرلمانية لقاءهم والتعرف إلى ظروف توقيفهم على انفراد .

 تندرج هذه الخطوة من قبل رئيس الحكومة ضمن الإجراءات الإستعراضية في مجال محاربة الفساد والمفسدين،والدليل على ذلك أن اللجنة الخاصة قد استهدفت عدداً قليلاً ،محدوداً ومحدَّداً، من الأسماء،لغايات غير واضحة المعالم،في حين تم التغاضي عن مشبوهين كبار من الفاسدين،من السياسيين والموظفين التنفيذيين وبضمنهم وزراء،تدور حولهم الشبهات،في مجالات المنافذ الحدودية والإتصالات والنفط والتجارة والتجهيز والتسليح والتموين والنقل في الجيش والداخلية وغيرها.

 لم تأخذ الحكومة على عاتقها الحلول المقترحة للخلاص من الفساد،منذ العام2003 ،حيث تراكمت عوائد وفوائد ومطامع الأحزاب السياسية والمواطنين من التجار المتعاونين مع اللجان الإقتصادية للأحزاب الكلاسيكية،وخَصَصْتُ بالذكر (الكلاسيكية) لأنني أعرف أن حزباً حديثاً ولديه ذراع مجاهد في الحشد الشعبي،قد سرّح من مقرِّه الوحيد في العراق(في بغداد)،عدداً من الموظفين والخدميين،كما أغلق الجريدة الورقية الناطقة بإسمه،لا لسبب، إلا لكونه ليس لديه لجنة اقتصادية،ولايتمكن من تغطية نفقات المقر،نظراً لنظافة ذات اليد التي يتمتعون بها.

إن النظام السياسي القائم على المحاصصة والعائلية والبِطانات،ووكلاء العمولات والسماسرة، وتغوُّل الحكومة،وعدم اكتراثها بالسلطتين التشريعية والقضائية ، قد أفضى في الأشهر الثلاثة الأخيرة الى اكتشاف ثمانية وأربعين ألف موظف فضائي في ست وزارات عراقية فقط،وقِسْ عزيزي القارئ على ذلك.

وَرُبَّ قَوْل..أنْفَذُ مِنْ صَوْل

ناصرية ـ دورتموند/ألمانيا

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك