المقالات

التعليم الزائف..!


 

محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

حضرت، عبر الية زووم، ندوة رائعة حول الافاق المستقبلية للسياسة التعليمية في العراق، شارك فيها نخبة ممتازة من الاكاديميين والمختصين في المجال التعليمي وخاصة الجامعي. ومع ان مضمون المشاركات والمداخلات لم يتطابق تماما مع عنوان الندوة، لكن ما طُرح فيها من افكار وقضايا ومشكلات كان قيما. ومن الامور القيمة التي طُرحت مصطلح "التعليم الزائف" الذي طرحه الاستاذ الدكتور محمد الربيعي، وهو عالم عراقي معروف على المستوى العالمي.

يعود اهتمامي بالندوة الى حقيقة ان العلم هو احد ركائز الدولة الحضارية الحديثة التي ادعو الى اقامتها في العراق. والركائز الاخرى هي المواطنة والديمقراطية والقانون والمؤسسات. كما ان العلم هو احد عناصر المركب الحضاري اضافة الى الانسان والطبيعة والزمن والعمل. فضلا عن ان العلم هو بوابة الدولة الى الحداثة حيث لا يمكن ان نتصور دولة "حديثة" دون العلم الحديث.

ويعود سبب اهتمامي بالسياسة التعليمية في العراق الى حقيقة ان الدولة الحضارية الحديثة تولد في صفوف المدرسة الابتدائية صعودا الى المتوسطة فالاعدادية واخيرا الجامعة. وهذا يتطلب وجود نظام تعليمي وتربوي مصمم ليكون من رافعات المجتمع لاقامة الدولة الحضارية الحديثة. فالمجتمع الذي يسعى الى اقامة الدولة الحضارية الحديثة في بلاده يقوم بوضع نظام تعليمي حضاري حديث ينتج اللبنات الاولى لهذه الدولة. والمواطن الفعال الصالح والمتحضر هو اللبنة الاولى في مجتمع حسن التنظيم، وفي دولة حضارية حديثة.

ومن هنا دعوت منذ سنوات، وبدون جدوى حتى الان، الى اعتماد ستراتيجية تربوية لمدة ١٢ سنة تتكفل بتنشئة جيل حضاري حديث. وقد طرحت هذه الفكرة في احدى افتتاحيات صحيفة "الصباح" حين كنت رئيسا لتحريرها، كما طرحت الفكرة على كل رؤوساء الوزارات من نوري المالكي الى عادل عبد المهدي، وكنت عازما على طرحها على مصطفى الكاظمي قبل ان تنكشف عندي حقيقته.

هذا فضلا عن انني خاطبت لجنة التعليم البرلمانية بهذه الفكرة دون جدوى. انا على علم بوجود الستراتيجية الوطنية للتعليم لكنها اقل من ان تكون ضمن مشروع الدولة الحضارية الحديثة. وهكذا بقي قطاع التعليم دون رؤية حضارية حديثة منذ سقوط النظام الدكتاتوري عام ٢٠٠٣ حتى الان. والمؤلم ان الانتخابات المقبلة سوف يشارك فيها مواطنون ولدوا عام ٢٠٠٣ دون ان يتمكن النظام الجديد القائم على المحاصصة من اعدادهم اعدادا سياسيا ديمقراطيا كفيلا بجعلهم مواطنين فعالين يعرفون كيفية اداء دورهم الانتخابي بطريقة سليمة.

ان الدولة مسؤولة عن تربية ابنائها قبل ان يصلوا الى سن الرشد. وهذا هو معنى التعليم الالزامي المعمول به في كل الدول المتقدمة. وهذا يستلزم بطبيعة الحال ان تكون الدولة نفسها قائمة على اساس رؤية حضارية حديثة ينبثق منها نظام تربوي يحمل الصفتين ذاتهما. وهذا مازلنا نفتقده. فلا الدولة حضارية وحديثة، ولا التعليم كذلك انما هو كما قال الدكتور محمد الربيعي "تعليم زائف". والمؤسف ان جميع الكتل والتيارات السياسية، بما في ذلك متظاهرو تشرين، يتصارعون على كل شيء سوى التربية والتعليم، ولم اجد في كل الخطابات السياسية القديمة والمستجدة حديثا عن هذا الموضوع الاساسي، وهذا واحد من عيوب التأسيس، واعني به اغفال اهمية التربية والتعليم في بناء الدولة.

انتهز هذه الفرصة للدعوة مجددا الى تشكيل المجلس الدائم للتربية (مادامت وزارة التربية واقعة ضمن نظام المحاصصة) ليأخذ على عاتقه وضع النظام التربوي الحضاري الحديث، والاشراف على تطبيقه من خلال الادوات التنفيذية التي توفرها وزارة التربية على ان تكون عضوية المجلس دائمية (١٢ سنة) وتطوعية، بدون راتب او اجور، وغير خاضعة للمحاصصة باي شكل من اشكالها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
مواطنة
2021-01-27
احسنتم كثيرا ً لطرح موضوع مفصلي ومهم ، فوزارة التربية اسيرة ومنذ عقود لعقلية مشكوك في نيتها الصالحة لبناء جيل وان كانت المناهج في حال تطور الا ان عقلية المربي اما ان تكون عقلية بعث سابق او عقيلة ساذجة دون مستوى الطموح والحل ليس في ارسالهم دورات هنا وهناك والتقاط بعض الصور الحل في ثورة ضد وزارة التربية فتغيير وزير بين الحين والاخر لايجدي والعصابة داخل الوزارة تدور في رحى لا تتوقف . وكمدّرسة في احد المدارس الاهلية اعاني حربا ً ضروس في مقابل مجرمين بزي تربويين ، ناس تهدم حضارة 7000سنة ولا تدرك ان العراق ماضي وحاضر ومستقبل واننا على مشارف استقبال الانسان الكامل ليؤسس لدولة عالمية عادلة تحتاج لتمهيد واقعي وحقيقي وعلمي . مايحصل مأساة ونحر لمستقبل جيل مستقبلهم الدنيوي والاخروي ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك