د. علي الطويل ||
التفجيرات التي حدثت في وسط بغداد هذا اليوم واحدثت صدمة كبيرة في الاوساط الشعبية والاجتماعية والاعلامية ، كونها تاتي بعد فترة من الاستقرار الامني والهدوء الذي تنعمت به بغداد واسواقها واحيائها، خاصة انها وقعت في اكثر مناطق بغداد تتردد الناس فيه كونها في وسط العاصمة ومركز للتبضع وفيه الكثير من الدوائر الرسمية ،وفيها رمزية كبيرة ومحط انظار الاعلام ، وكذلك كثرة الشهداء والجرحى هو احد اسباب هذه الصدمة الكبيرة ، لقد كان رفع الكتل الكونكريتية في زمن حكومة عادل عبد المهدي قد عد تتويجا واعلانا حكوميا في تلك الفترة وما بعدها ، بان الامور الامنية انتقلت الى مرحلة جديدة من الاستقرار ، ولو استعرضنا الحملات الاعلامية التي شنتها صفحات وبيجات السفارة الامريكية وتلك الممولة خليجيا ، ومن يسير في فلكها، نجد انها قد استفزتها هذه الخطوة واتخذت منها موقفا حادا وشنت عليها حملات اعلامية كبيرة ، الامر الذي يؤكد ان استقرار الاوضاع في العراق وفي بغداد خاصة لايرتضيها البعض او يستسيغها ، لذلك فهم يتحينون الفرص لايقاع اكبر عدد من الضحايا والحرحى في صفوف العراقيين وخاصة الطبقات الفقيرة المسحوقة .
فما هي الراسائل التي تحملها هذه التفجيرات ؟
١. انها تاني بعد يوم واحد على تولي بايدن السلطة في امريكا ، وهذا بحد ذاته رسالة من شقين، الاول؛ هو رسالة لبايدن لعدم تغيير الانماط الامنية والسياسية التي احدثها ترمب في المنطقة والتي يشكل العراق محورها الاساسي ، والشق الثاني من الرسالة هي من الترامبيين العرب بانهم لازالوا يملكون اوراق يلعبونها في العراق فاي مساس بماحققوه من مكاسب في العراق، سواء على مستوى السلطة او على مستوى توسيع قاعدة اتباعهم السياسية وبالخصوص بعد مااسفرت عنه مظاهرات تشرين، وانبثاق احزاب وشخصيات سياسية (تشرينية )لا تبتعد في اهدافها عن الخطط والاهداف السعودية والاماراتية ، وانهم بامكانهم اعادة الاوضاع الى مربعها الاول في حال تغيرت المسارات بعيدا عن مصالحهم .
٢. ان بعض السائرين في الفلك السعودي ، وبعض العنصريين من الشخصيات والكتل السياسية لايرغبون بخروج القوات الامريكية من العراق ، ويرون ان خروجها من العراق يعني اضمحلال ادوارهم السياسية ومكاسبهم ، لذلك فان التفجيرات ورقة ضاغطة لاقناع الحكومة والكتل السياسية والاوساط الاخرى، بان وجود القوات الامريكية هو ضرورة لابد منها ، او بمعنى ( هكذا ستكون الامور لو خرجت القوات الامريكية ) . وتصريحات وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين لقناة الجزيرة هذا اليوم ؛حسب مانقلته مواقع عديدة ؛ هو غير بعيد عن هذا المعنى .
٣.اعلان الحكومة عن الموعد النهائي الانتخابات ، اشعر البعض ان حظوظه لن تكون كبيرة فيها ، وان الامال التي عقدت على ترمب وفريقه والترتيبات التي تحدثنا عنها (اعلاه )، قد تذهب ادراج الرياح في حال اجرى بايدن تغييرات وتكتيكات جديدة ، فاصبح اللعب بالورقة الطائفيه واشعال الاوضاع الامنية في مناطق تتواجد فيها اعداد سكانية كبيرة من لون واحد كفيل باشعال الامور مجددا لكي يوظفها البعض بحملته الانتخابية .
4. اكتشاف الارهابيين لمواضع الضعف والخلل في القيادات والخطط الامنية المتبعة، وخاصة بعد التغييرات الامنية والقرارات التي اتخذها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ، واستلام البعض من ذوي الميول الامريكية مناصب حساسة في الاجهزة الامنية ، والتراخي الكبير نتيجة عدم شعورهم بالمسؤولية تجاه العراق ،جعل اذرع الارهاب تمتد الى قلب العاصمة وفي منطقة تحمل رمزية كبيرة ، وضربته هذه فيها دلالات كبيرة وواضحة في هذه النقطة بالذات .
ومهما يكن من امر فان الكتل السياسية والحكومة العراقية والاجهزة الامنية ، مطالبين اليوم بموقف حازم تجاه هذا الخرق الكبير ، الذي يدل على ان الخلايا النائمة لازالت تعمل وفي قلب العاصمة بغداد ، وان هناك من يرعاها ويمدها ويخطط لها ، وتغيير الخطط والمناصب الامنية واعادة النظر فيها اصبحت ضرورة ملحة ، فمن المتوقع استمرار هذه الاعتداءات ، وعلى الحكومة كذلك والكتل السياسية ان لاتسكت امام من يثبت دعمه لهذه الافعال الغادرة ، سواء من السعودية او غيرها ، وكذلك الجهات الداخلية، سياسية وامنية ممن يتواطئون مع الارهاب في حال ثبت ذلك رسميا .
21/1/2021
ـــــــ
https://telegram.me/buratha