المقالات

التأريخ يسجل..!


 

علي علي ||

 

  في دعوات الحريصين على البلاد بشأن استقطاب الكفاءات من الاختصاصات العلمية والأدبية والفنية، مايدخل السرور والطمأنينة الى قلب المواطن، بعد أن تملكه اليأس عقودا من إيلاء الحكومة العلم والعلماء والأدب والأدباء وباقي أركان المجتمع من شرائحه المثقفة، ماتستحقه من منزلة ومكانة في المجتمع العراقي لاسيما الجديد الذي فتح أبوابه على العالم عام 2003 بعد زوال كابوس النظام الدموي القمعي الذي كان جاثما على صدره.

   وهو ليس بجديد على العراق والعراقيين، فوادي الرافدين منذ فجر التاريخ، كان أرضا خصبة لكثير من الاختراعات والاكتشافات في مجالات الطب والفلك والرياضيات. ولم تبخل أمهات العراقيين بإنجاب علماء كانوا بشائر وطليعة كثير مما وصل اليه علماء الغرب اليوم، فكانوا كما يقال (اشتروا منا وباعوا علينا). أما في مجال الفنون، فان مخطوطات الأولين ورسومهم مازالت شاخصة في آثار أور وبابل ولكش، لتشهد انهم أول من ابتكر فن الزخرفة على مشيداتهم، كما انهم اول من اخترع البناء المقوس الذي أثبتوا متانته فيزياويا. ولهم قصب السبق في استغلال الآجر باستحداث فنون العمارة الجديدة، والوثوب به الى قمم شاهقة في معابدهم التي أسموها “زاقورة” وترجمتها “القمة المرتفعة”. كل هذا حدث منذ ألوف السنين، وكان لقادة هذه الرقعة الجغرافية وملوكها ورؤسائها الباع الطويل واليد الطولى في رفد العلماء، وفتح ابواب خزائن الدولة وبيوت المال، فضلا عن ابواب قصور الخلافة والدولة، وتسخير الطاقات البشرية والمادية لدعم الكفاءات والقدرات من ذوي العقول، لإيصال علومهم وجديد إختراعاتهم الى دول المشرق والمغرب، الذين بدورهم استمدوا من تلك العقول أفكارهم، وطوروا عبرها صناعاتهم وباقي مرافق حياتهم. ويشهد بذلك المؤرخون والكتاب الذين تزخر مؤلفاتهم بانجازات العراقيين القدماء. فهذا الشاعر علي الجارم ينشد في قصيدة مطولة يعرض فيها ماوصلت اليه بغداد، وهي قلب العراق من عمران ورقي في الفنون والأدب، الأمر الذي مجدها وخلدها قرونا وأجيالا متعاقبة، يقول علي الجارم:

بغداد يابلد الرشيد  

ومنارة المجد التليد

ياسطر مجد للعروبة       

خط في لوح الوجود          

بغداد يادار النهى          

والفن يابيت القصيد

نبت القريض على ضفافك       

بين أفنان الورود

    ولا أستطيع الجزم ان قادة العراق الحاليين جميعهم مطلعون على كل هذه المؤرخات والقصائد في حق بلدهم العراق، فهل سأل أحد منهم نفسه يوما؟ هل سأحتسب في مقبل الأيام من القادة الذين أسهموا في نشر العلم والأدب وباقي المعارف، بفتح بابي للعلماء وطلاب العلم؟ وأدخل بذلك سفر التاريخ كقائد حدث في عصري تقدم وازدهار؟. أم سينشد الشعراء غير ذلك في عرقلتي سير العلم ومحاربة الرقي كما أنشد شاعر:

بغدادُ يابغداد يابلد الرشـــيد

       ذبحوك ياأختاه من حبل الوريد

جعلوكِ يا أختاه ارخص سلعة

      باعـوكِ يا بغداد في سوق العبيد

ويل لبغـداد الرشـيد و أهلهـا

      فهولاكو في بغداد يولد من جديد

وعدوا بتحريـر العراق و أهلـه

      وعدوك يا بغداد بالعيش الرغيد

زهدوا بدجلةَ والفرات وعرضهم

      باعوك في الحاناتِ بالثمن الزهيد

  فمن أي الصنفين من القادة يحب أن يكون قادتنا اليوم؟ وكيف يريدون أن يذكرهم التأريخ، إذا علموا أن سجله لايفوته تثبيت كل صغيرة وكبيرة.. صالحة وطالحة.. سلبية وإيجابية.. مشرّفة ومخزية.. إلا ودونها بالخط العريض ليطلع عليها الأجيال مدى الدهر.

ـــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك