قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
عرَّف أفلاطون الفوضى، بأنها فراغ مُظلم وبلا حدود، ونظرية الفوضى تتجلى في العشوائية الظاهرة للأنظمة المُعقدّة الفوضوية.
الأزمة المُتعدّدة الأبعاد التي تعصف بالعراق منذ أكثر من عام، هي الأزمة الأكثر حدّة، التي عرفها العراق منذ زوال نظام القهر الصدامي يومنا هذا، وهي "الفوضى الخلاقة" في انصع تجلياتها.
الفوضى الخلاقة، مُصطلح أنتجته وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، بعد حرب الخليج الثالثة، هذا المصطلح يعكس نظرية سياسية من متبنيات الماسونية، حيث أشار إليه عالم السياسة الأمريكي الجنسية الهنغاري الأصل جورج فريدمان، «لم تعد الحروب تهدف إلى النصر، بل إلى المعاقبة، وزعزعة الإستقرار، والشرذمة، ونزع التسييس، والإذلال، في ظل أسلوب حكم العولمة المالية التقنية. إذًا يُمكن إختصار الفوضى الخلاقة بأنها حالة سياسية تأتي بعد حالة فوضى مُتعمدة الأحداث يقوم بها أشخاص أو كائنات بدون معرفة هوياتهم، وذلك بهدف تغيير مسار الأحداث لمصلحة هؤلاء.
ما يميز الفوضى العراقية؛ هو أنها أزمة في كل شيء تقريبا، من سوء الإدارة، إلى الفساد والمحاصصات ومزاريب الخلافات السياسية، الى الجانب المالي والأقتصادي، حيث سلمت لحانا، بيد من يفتقرون الى النوايا الحسنة والخبرة والإحتراف، إذ أن الطريقة الراهنة التي يتمّ التعاطي فيها مع المشكلة المالية، والتي حذّر منها كثير من المختصين مرارًا، لن تؤدّي الا الى مزيد من الافلاس، والفوضى المالية التي ستمنعنا من النهوض مجددًا، وستوصلنا الى خسارة مؤلمة للقيمة الفعلية للدينار العراقي.
نتذكر أن سياسات الطاغية صدام، وعصابات القرويين الأميين من أقاربه وزبانيته، الذين سلمهم مقادير العراقيين، كانت نتيجتها أن خسر الدينار من قيمته ثلاثة آلاف مرة، ووصلنا على اياديهم القذرة؛ الى أن قلعنا ابواب بيوتنا لنوفر ثمن طعامنا..وأحتجنا الى جراحة كبرى كان من مؤداها ان قبلنا ان يحتل الأمريكان بلدنا، كي نتخلص من حكم القرية، ونستعيد بعذ رغيفنا من افواههم النهمة..
في احتفالات مكتبية أنيقة، تنقلها الصحافة، "تُزَفّ" البشرى للمواطنين، بتوقيع اتفاقية مالية للإقتراض من هذه الجهة او تلك، وكأنهما فتح مبين، أو كأنها سوف يجري توزيعها على العراقيين جميعا، أو كأن الفرج جاء من حيث لا نحتسب؛ وها..دبرنالكم رواتب شهرين!
"الغشمة" هم الساسة الذين كانوا طرشان في زفة تشرين، و"الكلاوجية" هم الذين كانوا يديرون اللعبة بالخفاء، ويحركون حسوني الوسخ وعكروكة، وسجاد وصفاء ومعهم ام الكلينكس وباقي قاع المجتمع، ليظفروا في نهاية المطاف بالغنيمة، حار ومكسب ورخيص..!
لم يحصل في أي بلد غير العراق، أن دافعت الحكومة عن لصوص بضراوة، مثلما فعلت حكومتنا في قضية تجديد رخص الهاتف النقال، فقد كان في قيام الحكومة بتحصيل الضرائب والرسوم على شركات الهاتف النقال، واستيفائها الديون المتعلقة بذمتها، مورد تحت اليد يغنينا عن قرار رفع سعر صرف الدولار، والقصة فيها "إن" كبيرة جدا.
قرار رفع سعر بيع الدولار؛ كان هو الآخر لعبة شطار وعيارين، شأنها شأن ألاعيبهم المغلفة بالشعاراتية الزائفة، وخطابات الحرص على الوطن والمواطن، فضلا عن كونه قرارا متسرعا وغير مدروس، إضافة الى آثاره الاقتصادية المدمرة؛ التي ستنعكس على الاسواق العراقية، وعلى الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود، وغالبية الموظفين والعاملين في القطاع الخاص، ولو تتوفر ارادة جادة، وإجراءات حازمة، في تحصيل ايرادات المنافذ وضرائب الكمارك، لتمكنت الحكومة؛ من توفير ٨٠٪ على الاقل من ما سيوَفر من رفع سعر الدولار، لكنها لم تفعل ولجأت الى قرار يخدم حيتان المال، وهنا نكتشف موقع "إن" من الإعراب..!
كلام قبل السلام: يبدو أن الفيلم يتكرر عرضه علينا، ولكن في دار عرض سينمائي خربة ! وسنضطر مجبرين للجلوس بلا مقاعد، للتفرج على انفسنا، ونشاهدها وهي تسحق تحت اقدام فريقين من اللاعبين، فريق من "الغشمه"، ويقابله فريق"الكلاوجية..!
سلام..
ــ
https://telegram.me/buratha