المقالات

نامي جياع الشعب نامي*


 

عبد الخالق الفلاح ||

 

 صامتون يراقبون بألم ووحشة ما اَلت اليه الاوضاع المزرية في بلدهم العراق مهد الحضارات الانسانية وان تطلعاتهم الاقتصادية مرتبطة بالتطلعات السياسية رغم ان ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل سوى طلب العزة والكرامة في بلد لا ينقصه من الخيرات شيئ من القيم التي قاتل ويناضل من اجلها الشعب العراقي.

 هي  نفسها الحرية والسلام والعدالة لم تتغير في معانيها، وامالهم وتطلعاتهم مازالت معلقة ولم تحقق اهدافهم و السياسيون  ماضون بتراشقهم الإتهامات والكلمات المخدرة بمحاربة الفساد ما زالت ذهنيتهم تتخبط بالنهج ذاته فى مناخ لا يشجع على أى توافق على الاهداف الوطنية فى الحرية والعدالة الاجتماعية، بل يلجؤون إلى العصا الغليظة فى مواجهة أى أصوات تبحث عن بدائل للسياسات الحالية.

 وما زالوا يستنزفون ما تبقّى من هذا البلد، هذه المنظومة  الحاكمة استباحت الدولة وحطّمت مؤسساتها وبنيانها وتقاسمت حصصها واستولت على أملاك الدولة ولجاناً وعقود بملايين الدولارات للإستفادة منها بالسرقة والنهب وهم متفقون فيما بينهم ، والصراعات التي يعيشها العراق.

 اليوم تنقسم بين رئيس حكومة مُنَصب بالتوافق في ظل غياب العدل والإنصاف والقانون ودولة مكونات للطوائف والأحزاب والعائلات المتوارثة للسلطة والمال والبلاد والعباد، وبين مَن حكم سنوات سرق ونهب المال العام ، ومن البساطة عنده ان يلجأ إلى الدعس على كرامات الناس كي يحمي مصالحه وأمواله دون الاكتراث بالقيم لا الدينية والانسانية ، ويتّهم الاخرين  على ما أفسده كي يُبعِد عن نفسه المسؤولية.

 ولم يفهموا حتى الآن أن الشعب مقهور ولا يهمّه سوى إطعام أولاده وحمايتهم، ولم يفهموا بعد أن الجوع كافر» عبارة لا يدرك معناها سوى أولئك الذين قاسوا أعراضه ومروا بتجربة الحرمان والأمن من الجوع لا يعرفه الا الجياع. فالجوع بئس الضجيع. لأنه يحمل شبح الموت للجائع.

الأمن فى الاوطان والصحة فى الابدان مرتبط ببعضه البعض. وخسران أو فقدان احدهما يؤثر على وجود الآخر سلبًا، فلا صحة مع خوف، ولا أمن مع جوع و من نشأت بينهم وبين لقمة العيش قصص توارثها الرواة وتناقلتها الأجيال، «الجوع كافر» وصف دقيق لم يأت من عبث بل من واقع مرير خلص إلى هذا الوصف فالمضطرون إلى الطعام لسد رمقهم في حالة انعدامه يواجهون خطورة الموت وعندها تباح لهم كل الاعذار.

 فالذي يخاف التلف على روحه يتناول كل ما يبقيها حية وبلغ السيل الزبى والصورة أصبحت قاتمة سوداء كالحة وان الحكومات المتتالية  والاحزاب والكتل المشتركة فيها والتي حكمت مع الاسف تضحك هي نفسها على اهات ومعاناة الشعب.

والفاسد كالعميل لا دين له ولا طائفة والتي ادت بسرقته واهماله الى انتشار الفقر بشكل كبير ومخيف وليس بعد الكفر ذنب لأن انتفاضة الجياع تكون مدمرة وهي على الابواب و الذي لا يملك شيئاً لا يخاف على فقدان أي شيء.

الشعوب الجائعة لا تستطيع الصبر طويلاً ، سيما إذا عرفت أن هذا الجوع مفروض عليها بسبب سرقة أموالها من قبل سلطة فاسدة لا هم لها سوى سرقة قوت المواطنين فليس امامهم إلأ الثورة  السلمية المطالبة بالحقوق.

هي ثورة الجياع بحق ، بل هي ستكون اكثرمن  الثورات تعبيراً عن حقوق الإنسان، إذ إنها ثورة للبقاء، وثورة من أجل العدالة الغائبة، لأن وجود العدالة يعني عدم وقوع الفاقة ، لا شيء غير الموت ينتظرهم جميعا، فالناس تموت جوعا بعد ان اقتاتوا غذائهم الوحيد المتاح إمامهم  في الخيانات المتعددة والاجساد المفخخة ،تمَّ مسح الطبقة الوسطى تماماً لتصبح معدمة.

ان الترشيق والتقشف يجب ان يبدأ حكوميا بلا مجاملة ولا توافق خلف الكواليس المغلقة، لا ان تكون الميزانية التي يعتاش عليه ابناء البلد ورق العابهم كألعاب الطفولة  . بعد 18 عام من التغيير السياسي دون ان يكون لهذه " الديمقراطية " السياسية اي ظل  سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي سليم و سوى الضبابية  ليصبح المسار الجديد مهددا والطبقة الفقيرة لتصبح مشردة تماماً ، وحالهم واموالهم مبدده واجيال مهدده وشعب يذوي يذوب من ظلم القسات هذه المرة معهم حجة بالغة وهي الأمعاء الخاوية والبطون الجائعة، يستطيعون بها حشد الناس وقيادة حراكهم من أجل كلّ القضايا جملة واحدة، ومن قال إن هذه القضايا عليها أن تتفرق. وجياعهم في الطرقات في ازدياد و العداله في سبات والفساد في البلاد صار منهجاً معتاد لنهبهم ...

ربما يصبر الإنسان على الظلم من أجل لقمة عيشه والحفاظ على كرامته بشكل مؤقت ولكن لا يعني سكوت ابدي. ماذا ينتظرون من شعب لا يجد ماء ولا كهرباء ولا صحة ولا مرتبات وتراجعت قيمة رواتب العاملين ولا يمكنهم الإستحصال عليها كاملة وارتفعت أسعارالسلع بشكل جنوني، فكيف سيمضون بالعيش في ظلّ هذا الغلاء الفاحش، ولا ينتظر غير الموت ولا شيء غير الموت.

عاد الوطن للخلف مئات السنين في ظل حكوماته المتعاقبة التي يجني منها غير الفساد ورفع الشعارات التي ليس لها وجود على الأرض، بعد أن سلموا البلاد والعباد للعصابات والمحتكرين وشللهم في الشركات الوهمية ، فلم يشهد البلاد مثيلا على ما هي عليه من فساد طوال التاريخ حتى في زمن النظام السابق الذي لم يكن اهون منهم في ظلمه.

لم يجد في الحكومة غير اللصوص و الفاسدين وأبنائهم وأهليهم وذويهم و الكثيرين الذين يشغلون مناصب ووظائف غير جديرين بحملها وليسوا أهلا لها، وكأنهم في عزبة موروثة، أطفال ونساء وأفراد لا وجود لهم غير في أوراق التعيينات، وموظفون لا وجود لهم غير في كشوفات المرتبات التي يتقاضونها .

ان مسؤولية القوى الحاكمة  تكمن في العودة الى رشدها  مع بعضها البعض وإيجاد الحلول لإنقاذ البلد في ظلّ الواقع الإجتماعي والمالي المنهار والمتراجع والذي يعيشه المواطن بدل التتراشق بالإتهامات التي لا تعنيه شي سوى من يتبعهم ...

وبعد ان وصل الدولار الى اكثر من  145 دينار بين ليلة وضحاها، وشعارهم  حيث يكون الجوع فان قتل الانسان يكون مثل قل دبابة.

 

*من قصيدة (تنويمة الجياع ) للجواهري

 

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

ـــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك