المقالات

الأسرار المسكوت عنها في نظام (الدَّولرة)


ملف خاص عبر مؤسسة (إدراك) عن (دولار الفساد الذي يطارد فقراء العراق) 

 

سلام عادل /

 

ما يحدث هذه الأيام في كواليس السلطة، هو عملية تجديد للسياسات الفاشلة، التي فرضت على العراق في عام 2003، والتي على رأسها التجديد لـ(نظام الدَّوْلَرَة) المفروض من قبل الإدارة الامريكية على العراق كمذهب اقتصادي.

ففي عام 2003 فرضت الادارة الامريكية على العراقيين اعتماد (الدولار فقط) كعملة وسيطة في التبادلات التجارية، دوناً عن كل العملات العالمية الاخرى مثل اليورو الاوربي او اليَّن الصيني ...الخ، وفرضت على العراقيين بيع النفط بالدولار الامريكي حصرياً، على ان توضع جميع الواردات في حساب خاص في (البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك/ NY FED)، وذلك بهدف ضمان قيام العراق بسداد مبالغ التعويضات الخاصة بالكويت وتوفير الاموال لإعادة الإعمار، ولأجل ذلك جرى فتح حسابين عراقيين في البنك الفيدرالي الامريكي :

الأول : حساب (OPRA) وهو حساب المقبوضات النفطية المستقطعة لتعويض الكويت، والتي حددت بـ٥٪؜ من عوائد كل برميل نفط عراقي مصدر.

الثاني : حساب (DFI) وهو صندوق تنمية العراق، او الذي يطلق عليه حساب (Iraq2).

وهذا يعني أن جميع واردات العراق من بيع النفط يتم وضعها في (بنك أمريكي) تحت (كونترول امريكي) متمثل بمكتب السيطرة على الموجودات الخارجية (OFAC) لدى الخزانة الامريكية، وهذا يعني ان العراق يملك ولكنه لا يتحكم بأمواله، لان جميع حركة (الدولارات العراقية) تتم عبر نظام (SWIFT) الذي هو تحت سيطرة البنك الفيدرالي الامريكي.

كل هذا حصل في لحظة غفلة من الزمن، حين كان فيها العراقيون يعيشون تحت صدمة الاجتياح العسكري الشامل لبلدهم، حيث انفردت (الادارة الامريكية + الادارة البريطانية)، باعتبارهما (دولتين قائمتين بالاحتلال) بحسب توصيف مجلس الامن، برسم ملامح الاقتصاد العراقي وتحديد المسارات السياسية الجديدة، وذلك وفق ما نص عليه قرار مجلس الامن رقم (1483) لسنة 2003، والذي جرى بموجبه إنهاء العقوبات التجارية والحصار الاقتصادي، فضلاً عن إنهاء برنامج النفط مقابل الغذاء.

ولكن مخرجات قرار مجلس الأمن 1483 لسنة 2003 والتي كتبت بعقلية ومصالح الطرف المنتصر في الحرب، باتت تعتبر بحكم المنتهية، وذلك ابتداءً من سنة 2010 حين صدر القرار الأممي رقم (1956) والذي أعطى مهلة (6 اشهر) في حينها لإنهاء الحماية الاممية على الاموال العراقية، خصوصاً الموجودة في حساب المقبوضات النفطية OPRA، او الموجودة بحساب التنمية DFI، وهو ما بات يزعج (البنوك الامريكية) منذ ذلك التاريخ، وربما يكون هو الدافع الان وراء الاندفاع الامريكي الجديد للهيمنة على العراق مجدداً، حتى ولو بالقوة العسكرية.

ولذلك يعتبر (نظام الدَّوْلَرَة) الذي يعني حصر الثروة العراقية كاملة بـ(الدولار) وجعله يتحرك فقط تحت رقابة وموافقة البنوك الامريكية، إنما هو الشكل الخفي للاحتلال والهيمنة الامريكية المستمرة في العراق، ومثلما كان وزير المالية الحالي (علي عبد الامير علاوي) في عام 2004 وزيراً للمالية العراقية بهدف تأسيس (نظام الدَّوْلَرَة)، فقد تمت إعادة تكليفه بالوزارة مجدداً في 2019 ليعمل على ترسيخ (نظام الدَّوْلَرَة) مجدداً، بعد ان سعت حكومة السيد عادل عبد المهدي للتخلص منه من خلال الاتفاقات الثنائية مع الصين أو مع الأوربيين والروس، والسعي لتعزيز رصيد العراق من العملات الاجنبية المختلفة عبر اتفاقات تجارية ثنائية بمعزل عن (الدولار). 

ولعلنا حين ننظر الى (الورقة البيضاء) التي يقول "كاظمي" إنها "محل ترحيب دولي" نكتشف حقيقة ما يجري فعلاً، لكون هذه الورقة تستهدف بالاساس بقاء العراق تحت هيمنة (نظام الدَّوْلَرَة)، فهي إذن مجرد سياسات قديمة فاشلة يراد تجديدها بعناوين جديدة، وأن الأزمة المالية الحالية هي مجرد أزمة (مصطنعة) تقف خلفها اهداف ستراتيجية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك