حافظ آل بشارة||
في الذكرى الاولى لاغتيال القائدين الشهيدين قاسم سليماني وابو مهدي المهندس ، نتأمل مجددا الآليات التأريخية التي تقف وراء ثقافة الاستشهاد ، وهي الثقافة الوحيدة التي تحفز الأمة وتنقذ العراق من الخراب والضياع ، ليس سهلا ان تنشأ ثقافة الاستشهاد وتثمر ولا بد من وجود عناصر :
1- الأمة الحية الموحدة الواثقة والتي تشعر بكرامتها وترفض الذل والخضوع .
2- العقيدة الحقة المحكمة البناء والتي لا تخترقها الشكوك والاراجيف .
3- وجود طليعة من الرجال الفدائيين الذين يشعرون بان الموت في سبيل الله اسمى من الحياة الدنيا وما فيها .
4- اندماج هذه العناصر اندماجا تفاعليا يحول المفاهيم الى مصاديق.
تأريخيا في العراق هناك سلسلة من اجيال الشهداء ، من ثورة العشرين الى اليوم ، وهو مؤشر على وجود واستمرار ثالوث الشهادة : (الامة ، العقيدة ، الرجال)، ولكن لماذا لم تثمر الشهادة شيئا في الحياة السياسية للعراق منذ قرن من الزمان ؟ يبدو ان العيب ليس في العقيدة ولا في الرجال بل هناك تباطؤ تأريخي في بلورة الامة الحاضنة ، الامة هي اساس بناء الدولة ، وفي العراق حضرت العقيدة واستمر ظهور وتوافد الشهداء ، لكن الأمة تراجعت في تماسكها ووعيها وارادتها ، وحين تتخاذل الامة تذهب دماء الشهداء هدرا وتتعرض العقيدة للطعن ، ويترسخ الفساد والفشل في نظام الحكم ، ويتوقف مشروع بناء الدولة الموحدة ، اوضح العلامات على تراجع الامة وهي تواجه التحديات الداخلية هي تحول الناس الى حشود من الناقدين والشتامين ، ونمو التيار الاتهامي الذي يستهدف كل الساسة بلا تمييز ، ونمو تيار الشكائين البكائين على انفسهم ومصالحهم ، ونمو تيار الانتهازية وصيد الفرص ، وغياب المبادرة الثورية الساعية الى التغيير وقلب نظام الحكم واستبدال الساسة الفاسدين .
كان تحرير العراق من العدو الداعشي هو الهدف الاول لقادة النصر ، وهدفهم الثاني هو اعادة بناء الدولة ، لكن هذا الهدف تنفذه الامة والمجتمع الاهلي وواجهاته، والانتخابات آلية عالمية لتمكين المصلحين من تنفيذ الثورة البيضاء عبر صناديق الاقتراع بوحي من دماء الشهداء ، فهل ستنجح الأمة في هذا الاختبار القادم ؟
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha