عمار محمد طيب العراقي||
من 3 كانون الثاني 2020، لغاية 3 كانون الثاني 2021، يبدو مشهد الهزيمة الأمريكية في العراق والعالم، مكتملا من العنوان إلى الحبكة وصولا الى النهاية.
فالتيس الأمريكي ترامب؛ حاول طيلة عام كامل، أن يسوق جريمته الغادرة بقتل الشهيدين سليماني والمهندس، على أنها إنتصار تاريخي، كي يحظى بالنتيجة بفرصة رئاسية ثانية.
لكنه ويا لخيبته؛ لم يفلح في تسويق المشهد، ولم يقنع الجمهور الأمريكي بأخطاء "الاخراج"، فهو لم يحبك السيناريو جيدا، رغم أن صهره ومستشاره كوشنر، وضعه على طاولته منذ عام 2016، حينما وجد أن صناعة بلاده لتنظيم داعش الإرهابي، لم تجدِ نفعا إزاء الإنتصارات العظيمة والسريعة، التي قادها الشهيدين بكفاءة وإقتدار نادرين.
في الحقيقة، لا يمكن إنكار براعة "المخرج والمنتج" الأمريكي، في قيادة فرق العمل الدولية والأقليمية والمحلية، التي تشاطرت أدوارها في الجريمة، وكل حسب موقعه وخبرته وتوقيته ومكانه، مع التركيز بشكل أساسي على أدوات ووسائل التأثير الجمعي، (الإعلام والسوشيال ميديا)، التي رافقت حلقات المؤامرة على العراق وإيران ومحور المقاومة طيلة عام كامل.
لكن تجارب التاريخ ومدوناته، تثبت أن ليست كل خسارة هزيمة، بل في اغلب ألأحيان؛ هناك خسارة بطعم الانتصار، وتثبت أيضا أن إرادة الشعوب لن تقهر، حتى لو تمكن منها أعدائها حيناً من الدهر.
القاتل المأجور دونالد ترامب، سيخرج بعد عدة أيام من البيت الأسود الأمريكي؛ مشيعا من قبل شعبه قبل الشعوب ألاخرى باللعنات، وثمة إحتمالات قوية تفيد بأنه لن يكون بعيدا عن الملاحقة القضائية، فالشعب الأمريكي شأنه شأن سائر الشعب، لا يقبل أن يتحمل وزر جرائم الحكام وأخطائهم، وسيسعى لتصحيح اخطائهم الشنيعة، حتى يحظى بإحترام بقية الأمم، وإلا سيكون من العار عليه؛ أن يترك ترامب ليفلت من العقاب..
ربما لا يعاقب ترامب قضائيا، فقد لا يعيش طويلا، (إن ربك لبالمرصاد)، لكن التاريخ سيضعه بالتأكيد في المكان الذي يليق بأمثاله من المجرمين، ونتائج الانتخابات الاميركية اعادت الولايات المتحدة الى رشدها، ليس بانتخاب جو بايدن انما بطرد دونالد ترمب من البيت الابيض، فالولايات المتحدة لم تستطع ان تهضم رئيسا مثل ترامب ليحكمها اكثر من مرة.
تجربة حكم ترامب؛ التي توجها بجريمة قتل القائدين الشهيدين سليماني والمهندس، بعلنية وإستهتار فجين، كانت صعبة ليس على العالم أجمع، بل على الأميركيين أنفسهم، الذين رأوا كيف تدهورت بلادهم الى اسفل درك، إذ اصبح رئيس اكبر واقوى واهم دولة بالعالم، مهزلة عبر تطبيق تويتر يقارع هذا ويجادل ذاك، والانكى من ذلك استهتاره بجائحة كورونا واعتبارها انفلونزا بسيطة، تاركا شعبه دون ان يحصل على علاج او رعاية صحية مناسبة، ولتصبح نسبة الوفيات الاعلى عالميا.
المجرم القاتل ترامب؛ لم يكن سيئا في تعاملاته مع العراقيين وشعوب منطقتنا فحسب، بل كان سيئا كرئيس لأمريكا، بكل المقاييس فهو شجع الشعبوية؛ ودفع نحو التمييز العنصري بين البيض والسود، واحدث بتصرفاته الصبيانية والفردية، شرخا كبيرا في المجتمع الاميركي..وتصرفه الأرعن بقتل أعظم قادة الحرب على الإرهاب في عصرنا الحديث، وضع الشعب الأمريكي امام حرج كبير، لم يكن بالإمكان تداركه إلا بالتخلص من ترامب.
الأمريكان لم ينتخبوا جو بايدن لحسن طلته، بل لأنه وعد بتصحيح أخطاء ترامب الكارثية، وأنه سيعود وبشكل عاجل الى الأتفاق النووي مع إيران، وسيلغي العقوبات الجائرة التي فرضها الأهوج ترامب على إيران، وسيسحب قوات بلاده من العراق والمنطقة بالتأكيد...وهذا هو بعض من ثمن دماء الشهيدين القائدين.
دونالد ترمب التاجر؛ الذي جر اكبر واقوى دولة بالعالم، تسببت في أن تزدريها الشعوب الأخرى، دفع الشعب الاميركي من حيث لا يعلم او يريد، الى استعادة ذاته وبلاده مع خلع ترامب وشلة السماسرة من البيت الابيض، وهذا انتصار للاخلاق والديموقراطية، وبعض الضماد لجرحنا العميق بالشهيدين القائدين سليماني والمهندس..!
شكرا
2/1/2021
https://telegram.me/buratha