قاسم العجرش ||
الأمريكان وطيلة سنوات ما بعد 2003، تصرفوا مع العراق والعراقيين؛ بما يخدم مصالحهم ومشروعهم الاستراتيجي المشترك مع الصهاينة في فلسطين المحتلة،، وقد اكتشفوا بوقت مبكر، أن العراقيين لم يكونوا يوما على الحياد؛ فيما يتعلق بطفلهم اللقيط “الكيان الصهيوني”!
الأمريكان يعرفون جيدا، أن في العراق قوة عقائدية كبرى، تؤمن بحتمية زوال هذا الكيان، وأن هذه القوة منظمة بما فيه الكفاية، بشكل يقلق الإدارة الأمريكية، ويتناقض على طول الخط، مع سياساتها واستراتيجياتها في المنطقة.
لذلك فإن ضرب هذه القوة على وجه التحديد، وإضعاف العراق ككل، بات الهدف الاستراتيجي الأول أمريكيا، وهذا ما كشفته وقائع معركتنا مع الدواعش الأشرار، حيث اتضح أن هذا التنظيم الإرهابي، وباعتراف أعلى سلطة في أمريكا ذاتها، بأنه صناعة أمريكية خالصة!
إضعاف العراق اقتصاديا، وجعله خاضعا خانعا تابعا للسياسات الأمريكية، أحد أهم وسائل الخبث الأمريكي؛ ونظرا لأن الاقتصاد العراقي أحاديُّ الموارد، معتمدٌ على ما يجود به جوف الأرض من بترول، مع غياب شبه كامل لإيرادات القطاعات الأخرى, ما جعله عرضة للمتغيرات الخارجية, ويسر إمكانية التأثير الأمريكي، عبر سياسات خفض أسعار النفط، إلى ما يقارب قيمة التكلفة، فضلا عن تأثيرات جائحة كورونا، وما تبعها من مشكلات اقتصادية عالمية، لا طاقة للعراق على مواجهتها، وهذا هو المطلوب أمريكيا!
دولة العراق بعد عام 2003، كانت قد جرى بناؤها وفقا للرؤية الأمريكية التي تريد عراقا هشًّا ضعيفا، ولذلك دفعت هذه الرؤية بالعراقيين نحو عدم اليقين الاقتصادي، الذي عانته حكومات ما بعد 2003, حيث سلكت جميعها مسلك عدم واقعية السياسة الاقتصادية، فكانت الحصيلة بُنِيَتْ لدولة غير منتجة, وهو ما جعل المشروع الأمريكي نافذ النجاح في العراق, لأنها جعلت النفط وهبوط أسعاره، ورقة ضاغطة على العراق, لتدفع بالإيرادات باتجاه التراجع.
بسبب تفشي الفساد وترهل الدولة وغياب الإنتاج غير النفطي، وتهالك القطاعات الأخرى، وسيادة النزعة الاستهلاكية، والإنفاق الأمني الاستثنائي، بسبب معركتنا مع الإرهاب الذي صنعه الأمريكي، ، فضلا عن عدم الاستقرار السياسي، بسبب الـتأثيرات والتدخلات الأمريكية الفجة، واجهنا مشكلة عدم توفر الاحتياطي المالي الوافي، في وقت أزمة عالمية اِستعد لها غيرنا بشكل أفضل.
على سبيل المقارنة والمثال، وعلى الرغم من عدد سكان إيران الذي يعادل ضعف سكان العراق، إلا أن موازنة العراق، تفوق موازنة إيران بنحو أربعة أضعاف، إذ أن موازنة إيران لعام 2021 حوالي 33.7 مليار دولار، فيما موازنة العراق لنفس العام تزيد عن 120 مليار دولار!..
ومع ذلك تصدر إيران إلى العراق، الغاز والكهرباء والمُشتقات النفطية والسلع الزراعية والإنشائية والصناعية، بقيمة تصل إلى نحو 13 مليار دولار سنويا، في حين ليس من المؤمل أن يتمخض عن الموازنة العراقية الحالية، كما هو حال الموازنات السابقة، بسبب طبيعة افتقادها إلى السياسات والاستراتيجيات والبرامج، أَيُّ نمو وتطور اقتصادي، وسوف لن نلمس بالتأكيد، أيَّ تغيير إيجابي في نوعية حياة المواطن العراقي.
سيزداد الفقراء فقرا، سيزداد الأغنياء غنى، وستتفاقم المشكلات في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان والخدمات، وستزداد نسبة البطالة، وسيرتفع مؤشر الفقر، وسيتهالك ما موجود من بنى تحتية، وستزداد المشكلات المجتمعية بشكل مخيف، وسنشهد تصاعدا في جرائم السرقة والاختطاف والتسليب، وحالات التفكك الأسري والطلاق والانتحار..وسيتراجع دور الدولة ويقوى دور القوى الموازية الغاشمة..
كلام قبل السلام: سوف لن تُجرى الانتخابات المبكرة في موعدها المحدد في الشهر السادس من عام 2021 قطعا، وسينتعش الدواعش مجددا، ..!
سلام
https://telegram.me/buratha