المقالات

الذي يخاف مكانه ليس في مجلس الوزراء"!


 

محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

في اجتماع لمجلس الوزراء، خاطب مصطفى الكاظمي وزراءه بالقول: "الذي يخاف مكانه ليس في مجلس الوزراء". وسكت الوزراء، ولم يناقشهم احد، لانهم مصابون بالوباء الذي زرعه صدام حسين واعني به "العبودية الطوعية"، حسب مصطلح الفرنسي ايتيان دو لا بويس (١٥٣٠-١٥٦٣).

فالجماعة، للاسف، متعودون على الخوف من الحاكم، حتى لو كان حاكما صوريا غير مؤهل كمصطفى الكاظمي، رغم ان هذه العبارة السطحية كشفت عن جهل فاضح بالدستور، والقيم العليا للنظام الديمقراطي، كما كشفت عن نزعة كامنة للاستبداد والتسلط.

العبارة تتضمن الرغبة او النية او القرار او التهديد باخراج الوزراء "الخائفين" من مجلس الوزراء. لكن اقالة الوزراء خارج صلاحية رئيس مجلس الوزراء عمليا. فالمادة ٧٨ من الدستور تقول ان لرئيس الوزراء "الحق باقالة الوزراء" لكنها تشترط ذلك "بموافقة مجلس النواب". وهذا يعني ان لرئيس الوزراء صلاحية "اقتراح" اقالة الوزراء، حيث عليه ان يقدم الاقتراح الى مجلس النواب الذي يملك وحده حق رفض لو قبول الاقتراح. وتخيلوا ان يقدم رئيس الوزراء اقتراحا باقالة وزير لانه "خائف"!

هذا من الناحية الشكلية او الدستورية، لكن السؤال الاهم من الناحية الموضوعية هو: ممن يخاف الوزير؟ اذا اخذنا بنظر الاعتبار الظرف الموضوعي لعبارة رئيس الوزراء والتي قالها في سياق مناقشة تخفيض قيمة الدينار العراقي وتضمين خصومات المخصصات وفرض الضرائب في اطار قانون الموازنة لعام ٢٠٢١، فان الخوف هنا من الناس، لان هذه القرارات كلها تمس حياة الناس، ومن يقدم على اتخاذها عليه ان لا يخاف الناس، اي عليه ان يكون "شجاعا" في مواجهة الشعب، شجاعا في الاضرار بمصالح الناس ولقمة عيشهم. وهذه شجاعة نادرة يصعب ان نجدها الا لدى الحكام المستبدين الذين يحكمون شعوبهم بالحديد والنار كما كان يفعل صدام حسين.

وهنا يتضح مدى جهل او تجاهل رئيس الوزراء لاهم اشتراطات الحكم الديمقراطي، وهو ان "يخشى" الحاكم الناس. فالحاكم في النظام الديمقراطي معين من قبل الناس عن طريق الانتخابات. فالشعب هو رب العمل، والحاكم موظف عند الشعب. ومن الطبيعي ان يحرص الموظف، وهو هنا رئيس الوزراء والوزراء، على ان يرضي رب عمله، اي الشعب. يمكن ان نسمي هذا الحرص مجازا "خوفا" من الشعب، لان الشعب اذا غضب على رئيس الوزراء والوزراء فسوف يذهب الى ساحة التحرير وساحة الحبوبي ويطالب باقالتهم. الحاكم الديمقراطي يخشى الشعب ويحسب له الف حساب. ويسعى الى ارضائه بالعدل وتقديم الخدمات وتحسين مستوى المعيشة الخ.

لكن الكاظمي يطلب من وزرائه التحلي بالشجاعة في مواجهة الشعب، ويطلب ضمنا من الخائفين مغادرة مجلس الوزراء! سألت نفسي من اين يستمد الكاظمي هذه الشجاعة؟ وجدت سببين: احدهما انه يتلقى دعما من جهة اقوى من الشعب، والثاني انه لا يدين للشعب بحصوله على منصبه. والسبب الثاني صحيح، لانه حصوله على المنصب امر دبر بليل بعيدا عن انظار الشعب، وبعيدا عن السياقات الدستورية. الكاظمي قطع رواتب فريق من الناس، وقلل رواتب جميع الموظفين، وغير قيمة العملة العراقية، وسكت عن الفاسدين، و قتلة المتظاهرين، ولم ينجز وعوده، ومع ذلك فهو لا يخاف من الناس، ويطلب من الوزراء ان لا يخافوا من الناس، والا فليس لهم مكان في مجلس الوزراء.

اما الشعب فيقول ان الرجل المناسب في المكان المناسب، ويعرف الرجل المناسب برضا الناس، وبخدمته لهم، وكفاءته الشخصية. وهذه كلها مواصفات غير متوفرة في الكاظمي. والاحرى به ان يرحل، فهو ليس الرجل المناسب في المكان المناسب.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك