سعد الزبيدي* ||
بعد مظاهرات تشرين العارمة وشعور الطبقة السياسية بالخطر المحدق بمصالحها وتهديد وجودها قررت أن تتوافق لزج السيد الكاظمي الذي لا يمتلك المؤهلات الكافية لقيادة بلد يمر بأزمات كثيرة وكبيرة وضغوطات داخلية وخارجية من أجل ذر الرماد في العيون وساهم وباء كرونا بتقليل زخم التظاهرات التي أرقت المنظومة السياسية برمتها.
وكان التخبط واضحا في اتخاذ القرارات وخير دليل على ذلك قرار استقطاع رواتب الموظفين ثم العدول عنه وقرارات إعادة هيبة الدولة ومكافحة الفساد والسيطرة على المنافذ الحدودية التي ضاعفت الفساد وخفضت العائدات والتنصل عن الكشف عن قتلة المتظاهرين والجهات الأمنيةوتقديمهم للعدالة حتى أصبح هو الشهيد الحي ولي الدم لكل من ذهب دمه سدى وقيدت الجرائم ضد مجهول. مع بروز مسرحية تأخر الرواتب وإعلان رأس الحكومة بعدم إمكانية دفع الرواتب ابتداء من شهر الكانون الثاني لعام2021 فقد كانت هذه وسائل توحي بما سيجري في القريب العاجل فقد كانت هناك رسالة واضحة لاتخاذ قرارات ستغير الواقع المعاشي للشعب.
وكنت متيقنا جدا أن الحكومة التي أوكلت مهمة إدارة أهم وزارة في البلد لوزير فاشل تقلد مناصب عدة في حكومات سابقة لم ينجح في إدارتها وهو لا ينتمي للعراق إلا بالهوية فقط وهو حاصل على جنسيتين بريطانية وأمريكية ولا يوجد فرد من أفراد عائلته أو من أقاربه في العراق فهل سيهمه أمر العراق والعراقيين؟!!! وهكذا قررت الحكومة التي ستترك كل الحلول الناجعة لتنويع مصادر الدخل القومي بالاهتمام بالصناعة والزراعة والسياحة وحصر السلاح بيد الدولة ومحاربة الحالات الشاذة من ابتزاز ورشوة ومقارعة الفساد وتشجيع الاستثمار وترشيق الاستهلاك الحكومي وتقليص النفقات غير الضرورية وحجب امتيازات المسؤولين وإلغاء الرواتب المزدوجة وإنهاء رواتب رفحاء والرواتب التقاعدية الخيالية والسيارات والحمايات للمسؤولين الحاليين والسابقين واستعادة الأموال المنهوبة وإنهاء مهزلة مزاد العملة والوصول للاكتفاء الذاتي بالمنتوج الزراعي وتشريع قوانين صارمة للحد من استنزاف العملة الصعبة باستيراد الأشياء غير الضرورية وغسيل الأموال والاعتماد على الكفاءات والقدرات العراقية لإقامة مشاريع استراتيجية كبرى في مجال بناء المدن والمجمعات السكنية وبناء الطرق والجسور وبناء السدود ومشاريع الإرواء واستصلاح الأراضي وبناء محطات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وإعادة النظر بخصوص السياسة النقدية والإدارة المالية وكنت واثقا أنها ستلجأ إلى تعويم العملة وما قرار الحكومة برفع قيمة الدولار بنسبة 25% إلا خطوة أولى سترافقها خطوات إخرى ستحدث شرخا مهولا في المجتمع العراقي ليزداد الأغنياء غنى ويزداد الفقراء فقرا.
إن استقطاع 25% يوفر على الحكومة مع وجود 4 مليون وأكثر من 6 مليون متقاعد أكثر من 3مليارات شهريا تقريبا ورفع أسعار الوقود التي تدر على الدولة مبلغا يتجاوز 11ونصف مليار سنويا ورفع الضريبة سيوفر مبالغ أخرى.
ومايترتب على هذا القرار من أمور لا تهم المنظومة السياسية الفاشلة التي أتخمت من مال سحت حرام تقاسمته منذ مايقارب عقدين من الزمن ومازالت مستمرة على ذلك مع سبق الإصرار والترصد وغياب واضح للمنظومة القضائية العادلة التي تكتفي بأحكام لا تتناسب مع حجم السرقات تتراوح مابين غرامات مالية تدعو للسخرية وأحكام مخففة جدا مع وقف التنفيذ تمنح السارق الفرصة لأخذ ما نهبه كي يرسله خارج العراق ليتمتع هو وأولاده وأحفاده بملايين الدولارات التي تضمن له الحصول على جنسية تحميه من الملاحقة القانونية.ذ
ولا أريد أن أكون متشائما جدا وأعتقد أن الجميع إتفقوا على القرار الذي سيحل الكثير من مشاكلهم الداخلية والخارجية فمديونية بلغت اكثر من 200مليار دولار وواردات لا تسد حجم فسادهم وامتيازاتهم ورفع سعر الدولار خطوة أولى سيتبعه خطوات أخرى سيصل فيها سعر الدولار إلى ماكان عليه سابقا قبيل الاحتلال حيث كنت قد توقعت في وقت سابق من هذا العام أن يكون سعر الصرف 3000 دينارا للدولار الواحد.
وبهذا تكون الطبقة السياسية التي وافقت جميعها على رفع سعر الصرف قد خانت القسم والشعب الذي وثق بها وهاهي قد لجأت إلى حيلة شرعية تنقذها مما تمر به من أزمة مالية واقتصادية نتيجة فشلها في إدارة المقدرات منذ 2003 لكي يدفع المواطن المسكين ثمن الفشل فالموظف الذي يستلم راتبا قدره مليون دينار عراقي أي مايعادل 800دولارا سيستلم حاليا 650 دولارا بخسارة تقدر ب150 دولارا وان وصل سعر الصرف الى 3000 فسيصبح راتب الموظف 200 دولارا فقط.
والقرار موجود سلفا عندما قرر الكاظمي استقطاع رواتب الموظفين ثم عدل عنه لأن الطبقة السياسية جست نبض الشارع فوجدت أن الوقت غير ملائم وربما تعود تظاهرات أكبر يشارك فيها الجميع ثم أعلنت عنه الٱن ولا أعرف أين الجهات التي صدعت رؤوسنا بالإصلاح فلا أعرف هل تساموا أم تبخروا في هذا البرد القارص مع غياب للكهرباء.
لا أعرف أي خبير قرر هذه الخطوة وما يترتب على هذا القرار سيكونا سلبيا على غالبية الشعب.
فلو تم استقطاع 25% من راتب الموظف لكان خيرا لنا من هذا القرار المجحف.
فسترتفع الأسعار وتنخفض القوة الشرائية وتكثر المشاكل الاجتماعية وأولها ازدياد حالات الطلاق وعودة الجريمة وانتشار الرشوة بصورة أكبر وزيادة عدد المتسولين في الشوارع وعدد العاطلين عن العمل.
الغريب في الأمر في مقارنة بسيطة مابين فترة استلام السيد العبادي 2014 وعادل عبد المهدي 2018 ومابين استلام السيد الكاظمي سنجد التالي : - استلم العبادي الحكم بخزينة خاوية مع احتلال أربع محافظات وحرب شعواء وهبوط لاسعار النفط دون ال25 دولارا ومع ذلك استطاع توزيع الرواتب ونفس الظروف مع عادل عبد المهدي ونجح ايضا فلماذا قرر الكاظمي رفع سعر الدولار واسعار النفط تجاوزت الخمسين دولارا وليس لدينا حرب تستوجب صرفيات تثقل كاهل الخزينة وأين ذهبت ادعاءات الكاظمي بتنويع الموارد والسيطرة على المنافذ ومحاربة الفساد؟!!!
و... لله في خلقه شؤون.
*كاتب ومحلل سياسي.
https://telegram.me/buratha