قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com ||
تواجه السيادة الوطنية للدول وضعاً خطرا، شهد تفاقماً واضحاً مع السعي الجامح للولايات المتحدة الأمريكية، لأن تكون القطب الأوحد في الساحة الدولية، سياسيا وعسكريا وأقتصاديا، وكانت ظاهرة العولمة الثقب الأول في سفن سيادة الدول وإستقرارها.
العولمة أبرز التدفقات العابرة للدول التي يعرفها النظام الدولي الراهن، وتعني هذه الظاهرة؛ الاتجاه المتزايد نحو تدويل السلع والأفكار ورؤوس الأموال على مستوى العالم، كما تعني بالنتيجة تجاوز الولاءات التي بنيت عليها الدول، كالولاء للوطن أو الأمة أو الدين وإحلال ولاءات جديدة محلها.
من شأن العولمة أن تؤدي إلى تراجع عام، في دور الدولة وانحسار نفوذها، وتخليها عن مكانتها شيئا فشيئا، لمؤسسات أخرى تتعاظم قوتها يوما بعد يوم، والأمر يتعلق بالشركات العملاقة متعددة الجنسيات والمؤسسات الدولية العالمية، وهي غالبا ما تكون واقعة؛ تحت الهيمنة الأمريكية الصهيونية المباشرة
واقع ألأمر أن أكثر من تعرض لويلات العولمة وآثارها الكارثية، هي الدول المتوسطة والصغيرة بصفة خاصة، ومنها الدول التي شهدت تدخلا عسكريا أمريكيا مباشرا، كالعراق وباقي دول الشرق الأوسط، فقد تآكلت سيادة هذه الدول الى حد كبير، ويزداد التآكل كلما كبر حجم المصالح الأمريكية في البلد الهدف، وتصبح ظاهرة التآكل أكثر حده، إذا كان لهذه الدول موقف تاريخي رافض للوجود الصهيوني، كما في حالة العراق.
واقع الأمر أن ظاهرة السيادة الوطنية لم تختف بعد تماماً، إذ مازالت هناك فئة من الدول، قادرة على أن تختلف مع الإرادة الأمريكية، دون أن تختفي من خريطة العالم، كما حدث بالنسبة للاتحاد السوفياتي، فالصين وبعض الدول الأوروبية، وبعض الدول ذات الأدوار الإقليمية القيادية كإيران، مازالت قادرة على التعامل مع الإدارة الأمريكية بحسابات رشيدة، تجعل تأثيرات العولمة الأمريكية على سيادتها في حدها الأدنى، أو على الأقل ترسم خطاً أحمر، لا يمكن للإندفاعات الأمريكية أن تتجاوزه.
تعمل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، على إختراق الأوضاع الداخلية للدول المقصودة، وأفضل طريقة لديها لتحقيق هذا الهدف المشبوه، هو وضع البلدان في حالة من الإستنزاف الداخلي، وتشجيع التناحر بين المكونات المجتمعية، وتدمير الإقتصاد، ورعاية الإرهاب، وهدم القيم والأخلاق، وصولا الى تفكيك المجتمعات وإعادة صياغتها، وفقا لرؤية وثقافة أمريكية، توطئة لتحطيم سيادة الدول، وتحويلها الى أجرام صغيرة تدور في الفلك الأمريكي، وهو ما عملت عليه الإدارات الأمريكية في العراق، منذ عام 1963 عندما اركبت البعثيين بقطارها، الى لحظة الإحتلال الأمريكي المباشر في عام 2003.
كانت قصة الحرب على الإرهاب، والذي صنعته الولايات المتحدة ذاتها، كما اعترف بذلك قادتها، أحد وسائل إختراق السيادة الوطنية للدول وتلآكلها، وكانت هذه القصة الخبيثة، في ابشع صورها في كل من العراق وسوريا، ولكن في العراق اتخذت بعدا سافرا وإستهتارا لا محدود، مارسته القوات الأمريكية التي إستجلبها ساسة الذل والهوان عام 2014، بعد أن وجدوا ان كراسيهم مهددة عندما بدأ الدواعش الأشرار يطرقون ابواب بغداد.
الحرب على الإرهاب حرب أمريكية الأهداف والمصالح، وتكاد تكون حربا صليبية جديدة بالمفهوم التاريخي للحرب، وهي موجهة وتستند إلى تبريرات تهدم المكاسب التي حققها القانون الدولي، منذ إنشاء الأمم المتحدة، وهي مكاسب توصف بأنها مبادئ قانونية عالمية، كالمبادئ المتعلقة بتحريم استخدام القوة واحترام السيادة والاستقلال السياسي والسلامة الإقليمية للدول ومبدأ عدم التدخل بالشؤون الداخلية.
كلام قبل السلام: جريمة إستهداف الشهيد القائد ابو مهدي المهندس وضيف العراق الشهيد قاسم سليماني، كانت إرهاب دولة إطاح بسيادة العراق بشكل وقح..
سلام..
https://telegram.me/buratha