المتتبع للحياة السياسية في شمال العراق ما بعد الإنتفاضة الشعبانية 1991 الى هذه الايام سوف يلاحظ سيطرت العائلة البرزانية على جميع مفاصل الحياة في شمال العراق وخصوصاً ما بعد وفاة الزعيم جلال الطلباني ، وقد سيطرت العائلة البرزانية على جميع مفاصل شمال العراق الأمنية حتى أصبح إقليم كردستان عبارة عن دائرة أمنية كبيرة وفيها المواطن العراقي الكردي مراقب في كل حركة وكلمة وموقف ولا يمكن له أن يبدي رأيه بشكل صريح وحر وإذا رفض الواقع الذي رسمته العائلة البرزانية للمكون الكردي سوف يجد السجن مأواه الأخير والأبدي وفي كثير من الأحيان الاغتيال والقتل والإعدام يُسرع به الى ترك الحياة والى ألأبد وقد شجع العائلة البرزانية على الاستبداد والظلم والطغيان عدة عوامل منها :
ضعف الحكومة المركزية وترك العائلة البرزانية تفعل ما تشاء بدون أي رقيب او حساب نتيجة الإحساس الدائم للقيادات الشيعية في احتياج هذه العائلة للوصول الى رئاسة الوزراء فدوماً القيادات الشيعية تغض النظر عن ظلم وطغيان وسرقات وفساد العائلة البرزانية لهذا السبب.
الموقع الإستراتيجي لشمال العراق القريب من إيران جعل الأمريكان والإسرائيليين يقدمون التسهيلات والمحفزات والدعم للعائلة البرزانية من أجل بناء القواعد الأمريكية وكذلك الإسرائيلية لمراقبة التحركات الإيرانية أو جعلها منطلقاً للأعمال العدوانية والإستخباراتية ضد الجارة إيران بالإضافة الى إضعاف العراق وتمزيق وحدته وجعله بلد مملوء مشاكل اقتصادية وسياسية وأمنية وعسكرية مما يجعله بعيد عن الساحة الدولية والعربية وخصوصاً القضية الفلسطينية .
دعم الحكومة التركية للعائلة البرزانية من أجل ضرب اعضاء الحزب العمال الكردي التركي والاستفادة من النفط الذي تصدره العائلة البرزانية بدون علم الحكومة المركزية .
بعد وفاة الزعيم الكردي جلال الطلباني أصبحت الساحة الكردية لقمة سائغة للعائلة البرزانية نتيجة لتمزق حزب الإتحاد الكردستاني وتفرق قياداته من أجل المنافع والمصالح الشخصية .
دعم الحكومات الخليجية وخصوصاً الكويتية والإماراتية والسعودية للعائلة البرزانية من أجل إضعاف العراق وتمزيق وحدته حتى لا يرجع بلداً ذا قوة عسكرية واقتصادية وسياسية ويلعب دوره الحقيقي في المنطقة والعالم .
كل هذه العوامل جعلت من العائلة البرزانية القوة الأكبر في شمال العراق والمسيطرة على حكم الإقليم بشكل دكتاتوري متخذة من عباءة الديمقراطية كغطاء لظلمها واستبدادها وفسادها وسرقتها لثروات العراق ، فهي تصدر نفط الشمال وتأخذ جميع موارده وتسيطر على جميع الموارد المالية من المنافذ الحدودية ما بين تركيا والعراق وإيران والعراق وكذلك سوريا بالإضافة الى السيطرة الكاملة على المطارات في شمال العراق ، وهي التي تأخذ الضرائب وتسيطر على جميع الموارد المالية للدولة العراقية ولا تعطي هذه الموارد للحكومة العراقية المركزية ولا تصرفها على خدمة الإقليم ، وبالإضافة الى هذه المبالغ الهائلة التي تسرقها العائلة البرزانية ومن يأكل من قصاعها من عبيد المال والسلطة في شمال العراق فهي تسرق كل ما تستلمه من حصة الإقليم من الميزانية ، ومع مرور الزمن وتزايد الظلم والاستبداد والتعسف كسر حاجز الخوف إخواننا الكرد في شمال العراق وصرخوا لا للدكتاتورية البرزانية المقيت ، ومن خلال الظروف التي يمر بها العراق والمنطقة فأن الكرد في شمال العراق سيعانون الى فترة ليست بالقصيرة نتيجة غياب الداعم والمدافع عنهم وضعف الحكومة المركزية مع تغافل الإعلام العالمي لمعاناتهم وظلمهم وعدم وجود الرادع الحقيقي لحكم العائلة البرزانية في شمال العراق.
خضير العواد
https://telegram.me/buratha