المقالات

فشل تطبيق النظام ام فساد الاحزاب ؟!


 

عبد الحسين الظالمي ||

 

كثر الجدل في الفترة الاخيرة عن الاحزاب ودورها في تدمير  البلد  بل عدها البعض افة العملية السياسية من خلال هيمنتها على القرار السياسي  وكانت السبب الرئيسي في استشراء الفساد في البلد. بنوعيه الاداري والمالي هذا هو الراي السائد عند بعض من  النخب والجمهور مما جعل البعض يصب جام غضبه على الاحزاب.

 والبرلمان او مجالس المحافظات باعتبارها نتاج الاحزاب ثم النظام البرلماني برمته، وقد ارتفع صوت المطالبين بتغير النظام من نظام برلماني الى نظام رئاسي  باحثا عن مركزية القرار وقوته الذي اصبح مبتغى الجميع  لما يعاني منه البلد من فوضى في الادارة والقرار  وضعف في القانون وبالتالي  ضعف هيبة الدولة ومؤسساتها .

اولا قد اتفق في راي مع المطالبين  بايجاد  مخرج   لما نعاني منه سوى بتغير النظام من برلماني الى رئاسي او اي مخرج اخر  ولكن  ليس لكون النظام الحالي نظام احزاب وسوف اعود لبين السبب في الاختلاف.

وقد يعول البعض على الانتخابات او على النظام الانتخابي الجديد كا مخرج  من الازمة مع بقاء النظام نفس النظام وهذا يعني زيادة في التشرذم فنحن امام تعدد غير مسبوق في الافكار بل غير متجانس وكل واحد يطالب بما تفرضه علية متطلبات دائرته  او تضطر  الاغلبية  في البرلمان الجديد الى التكتل  وهذا يعني نفس الطاس والعودة  الى الكتلة ورئيس الكتلة خصوصا واننا سوف  نواجه  كتل ترى قوتها في التكتل  .

 الوضع في العراق والتركة الكبيرة والخلفية التى تركها نظام قمعي حكم اكثر من اربعين سنه

اذ ترك اثر على السلوك الفردي والجماعي لمكونات المجتمع. لذلك من الصعب الانتقال بهكذا مجتمع يعاني من امراض حكم قمعي دفعة واحده الى نظام برلماني وكما هو معروف ان النظام البرلماني يعتبر من اصعب الانظمة الديمقراطية لانه يحتاج الى وعي شعبي عالي جدا وتجربة برلمانية طويلة وخبره ورصيد قانوني كبير وكذلك يحتاج مؤسسات دستوريه رصينه وقانون حزبي متقن وصارم  وكل هذا غير متوفر في العراق سابقا ولازال .

لذلك حين حاول الساسة تطبيق هذا النظام فشلوا وتصارعو ا واشتد  الصراع  من اجل  البقاء   ليصبح المال السياسي  وتسييس  القوانين وقود الصراع  والتنافس  لكسب فرص البقاء.

كان المفروض ان نتجاوز عقدة الماضي ومخلفاته ونختار ابتداءا اما فترة  حكم انتقالي تمتد لفتره كافيه تؤمن متطلبات نجاح الديمقراطية او نختار النظام الرئاسي والذي هو اقرب لعقلية العراقي واقرب الى ارثه السلوكي السياسي ليقوم هذا النظام ببناء اسس الديمقراطية الحقيقية

وبناء موسسات رصينه تستطيع ان تطبق الديمقراطية متجاوزين عقدة الماضي البغيض

والذي لازال البعض يتوجس من النظام الرئاسي خوفا  من العودة للدكتاتورية مع  عدم وجود ضمانات محدده تمنع الانزلاق .

وهنا لابد من السوال هل وجود الاحزاب هو المشكلة ام فوضى النظام الحزبي في العراق هو المشكلة ؟ والتي جاءت لسببين الاول  عقدة الماضي (الحزب الاوحد)  والثاني الطبقة الطفيلية التي وجدت في الاحزاب سلما للبحث عن مصالحها وغايتها  واستطاعت ان تخرق النظام الحزبي وتغير قواعده  ومتبنياته وهنا لابد   من الاشارة الى الخطأ

الشائع عند بعض النخبوعامةالجمهور وهو الخلط بين وجودالاحزاب وبين تعددها وتسلطهاعلى البرلمان من جهه وبين الفشل في تطبيق النظام من جهه اخرى، وبالتالي تحكمت  الاحزاب بالقرار وهيمنت على مقدرات البلد  بدون استحقاق  بل وصل الحال الى ركن نتائج الانتخابات جانبا  والبحث عن شخصية توافقية هذا الخلط والخطاء الذي قادنا الى نفي فكرة الاحزاب ونحن نعلم علم اليقين لا يمكن ان نتصور ابدا نظام حكم بدون احزاب سوى كان ديمقراطي او دكتاتوري او ملكي او جمهوري والفارق ان النظام الديمقراطي  يؤمن بالتعدد الحزبي والديكتاتوري يومن بهيمنت الحزب الواحد والفكر الواحد  والملكي يؤمن بالتطعيم (حصة الملك والانتخاب)  والجمهوري يومن بفكرة رجحان الصلاحيات لصالح منصب الرئاسة.

اذا من الصعب تصور نظام ديمقراطي بدون احزاب  لان مبدء الديمقراطية  قائم على اساس التنافس بين اكثر من طرف على استلام  دفة الحكم  لتطبيق برامجه  او معارضة الحكومة حين يفشل من مسك زمامه .

 اذا اين الخلل ؟ والجواب هو ....

ان تطبيق الديمقراطية دفعة واحدة في مجتمع لازال حديث العهد بها

وبنظام صعب جدا يحتاج الى اسس وهو النظام البرلماني هذا الخطأ الاول  .

ثانيا : عدم وجود قانون احزاب صارم

يحد من الفوضى الحزبية  ويقلل من الصراع والاختلاف بين هذا الكم الهائل من الاحزاب ( اكثر من ٢٠٠)

مما ساعد على نمو طبقات طفيلية على العمل الحزبي  المبدئي  وحدث صراع ليس بين الاحزاب على السلطة فحسب بل صراع داخل نفس الاحزاب مما اوجد مساحة واسعة للانشقاق والتشرذم. والتعدد  نتيجة هذا الصراع .

 اغلب احزابنا اختل بها التنظيم الحزبي ونهارت قواعده  مما جعل الاحزاب مجرد سلم صعود للمناصب

على حساب المبادىء والقيم   بل اصبح الصراع ينصب على الحصة  من المسؤوليات  والمناصب  ليس لاجل تطبيق البرنامج ورؤى الحزب بل لغرض تمكينه وتوسيع رقعته التنظيمية مما زاد من حدت الصراع بين الاحزاب  وحتى بين  اقطاب الحزب الواحد  نفسه  وشتد هذا الصراع ليكون المنصب مصدرا  للمال السياسي  والذي اصبح هو الفيصل في حسم المواقف لذلك ساد الفساد ونتشر واصبح شراء المناصب قضية ربحيه  مما جعل الاحزاب سلم للوصول والبرلمان سفينة للعبور الى ضفة  الساحل  الذهبي  من النهر ( المسوولية  وطبعا هذا فرض نسبي لايمكن ان يعمم على الكل  حسب مبدء لو خليت قلبت ).

وقد  ساعدت في ذلك عوامل اخرى

مثل وجود قاعدة حزبية عريضة من الماضي ضربت مصالحها وتريد تهديم البناء الجديد او محاولة افشاله  مما جعلها تسعى لخرق بعض الاحزاب  والكتل  والبعض منها وجد نفسه مضطرا لان يحمي وجوده  تحت غطاء حزبي . هذا

بالاضافة الى وجود جوار اقليمي. لايريد نظام ديمقراطي حقيقي و ناجح في المنطقة  وكذلك هناك عقدة نفسية سياسية  عند البعض منهم  تريد ابقاء الثور المجنح ضعيفا حتى لا تتكرر قضية تجربة الكويت  اولا وثانيا بلد ضعيف ياكل ولا ينتج حتى يصبح سوقا لانتاجهم  ، واكثر عوامل التاثير هي  استغلال حاجة الجمهور  الذي لم يكن قادرا  على تقدير مصالحه العليا وانغماسه في المتطلبات الجزئيه وعلاقاته الضيقة .

واخر العوامل المؤثرة في فشل  تطبيق النظام الديمقراطي هو وجود الانقسام  ( اكراد وسنه وشيعه ) وكلها اطراف ظهرت   كوامنها مع التغير  وهي تحمل  في اعماقها عدم الثقة في الاطراف الاخرى  بعضها بالبعض الاخر هذا المرض الذي افقد الكل القدرة على حمل الاخر محمل الشريك  في المصير الواحد   لذلك  ما يؤسسه الشيعة  يحاول ان  يهدمه السنه والعكس صحيح  والكردي وجد في هذا الصراع فرصه ذهبيه ليكون بيضة القبان التي يتلاعب بها حيث دارت  مصالحه .

 وحتى اصحاب الحلم بنظام رئاسي منتخب  لازال حلم وردي  لان الانتخاب المباشر سوف يجعل الاغلبية هي التي تتحكم بالمنصب ومع وجود عدم الثقة من الاطراف الاخرى سوف يسعون الى نظام المحاصصة بحجة التوازن  وسوف يعود رئيس الجمهورية مكبلا بوزير كردي واخر سني وثالث تركماني ورابع  وخامس  وهكذا ... وسوف تلبس المحاصصة ثوبا اخر  وتعود من جديد

والخلاصه   نقول لا نظام  ديمقراطي بدون احزاب ( ولكن بدون فوضى التعدد)سواء كان برلماني او رئاسي

ولانظام ديمقراطي بدون موسسات  رصينه. وقوانين صارمة  وكل من يروج ضد النظام الحزبي هو يهدم الديمقراطية  بدون ان يشعر لان اصل الديمقراطية  تنافس حزبي  ولكنه مقنن  ومحد ود ( فرنسا... امريكا ... بريطانيا  ... ) .هذه امهات الانظمة الديمقراطية   فيها احزاب تتنافس

والشعب هو الفيصل  وهذه هي لعبة الديمقراطية ، اذا العيب ليس في النظام بل العيب في التطبيق  الذي لا يجيده الاعب الذي جاءت به الظروف الى وسط الساحة بل تعدد هولاء  بدون ضوابط ، فاذا  كانت الساحة تستوعب احد  عشر لاعب كيف يمكن ان نضع فيها مئة لاعب والحكم الصارم مفقود  ! لذلك  اختلفنا على كل شىء وكلا يفسر الاشياء على مزاجه ووفق مصالحه لذلك  غابة المصلحة العامة  وضاع الوطن .

والحل ليس في نوع النظام فحسب بل الخلل في مقومات تطبيق ذلك النظام سواء كان رئاسي او برلماني  لان المشكلة تبقى قائمة طلما  نحن بعيدين عن الوعي المطلوب لتطبيق النظام. وغياب مؤسسات تطبيق النظام وغياب  القوانين الازمة لتطبيق النظام ومحاسبة من يخرق خطوطه  الحمراء وغياب الرؤية الجامعة لمصلحة الجميع ضمن الوطن الواحد  لنكون امام العامل الخارجي اقوياء. والحل يكمن باعادة تنظيم  العمل السياسي  ومقومات النظام الديمقراطي بدون ذلك  سوف تكون الانتخابات. كا سابقاتها  بل قد يزاد الوضع سوء.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك