د.علي الطويل||
انتشرت في اليومين الأخيرين تقارير صحفية واخبارية تتطابق في أهدافها وان اختلفت بعض مضامينها، وتتحدث هذه التقارير عن تفاصيل عملية الاغتيال التي نفذتها الأيادي الإسرائيلية للعالم الإيراني فخري زاده في إحدى ضواحي طهران العاصمة، وهذه وجاء في مضامين هذه التقارير الخبرية تهويلا كبيرا وتضخيما لامكانيات المنفذين للعملية، مما يجعل المتابع يعيش في جو من الأفلام الهوليودية عبر سيناريوهات محبكة بشكل قصصي متين لتوهم القارئ وتجعله يصدق تلك الروايات بدون عناء البحث والتدقيق، فقد تحدثت إحدى هذه القصص وورد فيها وكأنها عن لسان السلطات الإيرانية ولكن محتواها يجر ذهن القارئ بعيدا عن الحادثة ذاتها وإنما إلى بطولة وسيطرة وتمكن القائمين على العملية ومنفذيها، وهي الرسالة الأهم التي أريد لها أن تمر في ذهن المتلقي دون أن يشعر بذلك، وكذلك حملت مضامينها بأن إيران غير قادرة على الرد في الوقت الحاضر لأسباب متعددة داخلية وخارجية، والذي يتابع ويدقق في محتوى هذه التقارير والصفحات والمواقع التي روجت لها، سوف يكتشف بما لايقبل الشك بأن إسرائيل هي مصدر تلك الأخبار والتقارير وأنها قد صنعت في مصانعها الإعلامية ، ولعل من المهم أن نورد بعض الأهداف وراء تلك التقارير :
1.ان هذه التقارير تقع ضمن إطار الحرب النفسية التي تبعت عملية الاغتيال، والهدف منها واضح وهو التهويل والتخويف عبر الإيحاء بالبطولة واستخدام التقنيات العالية التي لاتمتلكها إيران، والتشكيك بامكانيات ايران الاستخباراتية وقدراتها على الرد ، اومحاولة جرها لرد غير مدروس.
2. استثمار الصمت الإيراني والمعلومات المحددة القليلة والتي أعلنتها السلطات الإيرانية، والهادفة إلى عدم كشف حيثيات التحقيق لأجل الانتهاء منه وكشف ملابسات الحدث، وكشف الجهات التي تقف ورائه والجهات المساعدة في عملية الاغتيال والتي تتطلب السرية، جعل الإسرائيليين يستغلون ذلك لتمرير حربهم النفسية.
3. جائت هذه التقارير الخبرية ذات البعد النفسي للضغط على الحكومة الإيرانية لكي تدفعها لاتخاذ موقف أو على الأقل إيضاح ماتوي فعله، ودفعها لفعل متعجل وغير مدروس وبالتالي تخسر عنصر السرية والنتائج المرجوة من ردة الفعل فيما لو جائت بشكل مدروس بالزمان والمكان المناسبين.
4.استثمار الضغط الشعبي على الحكومة الإيرانية للثأر من القتلة للتقليل من إمكانية السلطات بالرد اولا، والأحياء بقوة من قام بالعملية وكل ذلك له أبعاد نفسية على الخصم الإيراني وهي رسالة موجهة للشعب وللحكومة.
5.ان إسرائيل الخائفة والمتوجسة والمترقبة لردة الفعل الإيرانية تريد اقناع الرأي العام الداخلي والخارجي بأنها لازالت هي المتفوقة وهي التي تمتلك زمام المبادرة في الشرق الإوسط وأنها لازالت المتسيدة تكنولوجيا وعسكريا ومخابراتيا.
6.اتت هذه التقارير بعد الإشارة إلى سراىيل بأصابع الاتهام من قبل السلطات الإيرانية بأنها من يقف وراء عملية الاغتيال. وبذلك تريد الإيحاء بأنها أقوى مما تتوقعه إيران والهدف هو تخويف الخصم في حال وجه ردات فعله تجاهها أو جعلها هدفا لضربات.
ان الإيراني بطبعه المشهور بطول صبره، ولايختلف في ذلك القائد والسياسي والعسكري والفرد العادي _ فالصبر صفة إيرانية بامتياز_فان هذه الصفة جعلت من الإيرانيين يقومون بأعمالهم بشكل غير متوتر ولامتعجل ولا متهور ومقرونة بالحكمة والعلمية، والعدو يعرف ذلك ومتيقن منه، ويعلم كذلك مقدار الوجع الذي سوف يأتيه جراء هذا الصبر وهذه الحكمة، وهو على بينة تامة أن الإيرانيين عندما يقررون فإنهم سينفذون ولا يمكن لأي ظرف أن يوقف قرارهم، وخاصة في المسائل التي فيها كرامة وطنية أو حق يطلبونه، لذلك يلجأ أعدائهم دوما إلى الحروب النفسية والمعنوية علها تقلل من وطئة مايشعرون به من خوف وترقب
1/12/2020