محمد حسن الساعدي ||
تصدّر خبر اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة, واجهات الصحف والمواقع الالكترونية, وتوالت التقارير عن تحليل الخبر ومتابعة تداعياته، يذكر أن العالم النووي الإيراني يعتقد أنه العقل المخطط للبرنامج النووي الإيراني، ويعد من العقليات المهمة في إيران، والذي ربما تكون جهات ومخابرات خارجية وراء عملية اغتياله..
في تغريدة على تويتر تحدث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بشكل صريح, عن وجود مؤشرات جدية على تورط إسرائيل بعملية الإغتيال، كما وصف عدد من المحللين عملية الاغتيال (بالضربة القاضية) فهي تبين بوضوح أن إيران تعاني من ثغرات أمنية كبيرة وخطيرة، ومثل هذا الاغتيال لهكذا شخصية مهمة, يمثل تحديا امنيا خطيرا للحكومة الإيرانية, والتي يغلب على مجلس الشورى فيها سيطرة للتيار المحافظ.. كما أنه يؤشر وجود متعاونين لتنفيذ هكذا عملية, مما يتطلب من الحكومة هناك, البحث عن شبكة العملاء الواسعة في الداخل الإيراني .
في الجانب الآخر التزمت الحكومة الإسرائيلية الصمت، ولم يرد مسؤولوها على الاتهامات الإيرانية بشأن عملية الاغتيال، لكن وفي نفس السياق تؤكد الأخبار والتقارير أن هناك أيادي إسرائيلية شاركت في عملية الاغتيال، إذا ما علمنا أن نتنياهو عرض في فترة سابقة وخلال فديو منشور له على تويتر عام 2018, صورة محسن زادة بوصفه المؤسس للبرنامج النووي الإيراني مرفقة بمجموعة من وثائق وصفها بالسرية عن مشروع نووي إيراني بدأ عام 2003.
رافق الصمت الإسرائيلي إمتناع أعضاء حكومة بايدن الانتقالية عن التعليق على الحادث، في حين جاءت تغريدة الرئيس الأمريكي الحالي ترامب فرصة لإعادة قراءة الموقف، وذلك بعد إعلان مقتل زادة بساعات حيث أعاد نشر تغريدة للصحفي الإسرائيلي يوسي ميلمان, والتي تفيد بأن "زادة" كان مطلوباً لجهاز الموساد، وإن إغتياله يعد ضربة نفسية ومهنية كبيرة لطهران، وليوحي بطريقة ما أنه فرح بالعملية, وأنها تمثل نوعا من الغنتقام من غريمه بايدن لخسارته الغنتخابات امامه..فيما وصف المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية (سي أي أيه) جون برينان, بان اغتيال زادة يعد عملاً إجرامياً متهور للغاية!
هذه العملية تدخل في مسلسل الاغتيالات التي تستهدف العلماء في إيران، وهو أسلوب ليس جديدا فمن قبله كثير من علماء الذرة والفيزياء النووية, أستهدفتهم مخابرات غربية، وعلى الرغم من كون هذا الاستهداف يعد سياسياً بامتياز، فان طهران ستختار عالما آخر ليكمل مسيرتها العلمية ومشاريعها النووية ، الأمر الذي يجعلنا أمام تساؤلات مهمة لفهم كيفية تعاطي طهران مع هذا الحدث، والتعمق في التفكير بكيفية الرد!
طهران تمتلك كثيرا من الوسائل للرد على هذا الاغتيال، كما لديها كثير من الأوراق المهمة في المنطقة، لذلك فان عملية الرد لن تكون سريعة بقدر ما ستكون مفاجئة وغير صاخبة.. وربما ستتحلى بالصبر حتى نهاية فترة ترامب, والتي لم يتبقي منها سوى أقل من خمسون يوما، وربما ستغير طهران بردها على الأرض, خارطة المنطقة وعلى المدى البعيد.
ـــــــ
https://telegram.me/buratha