حسين فرحان ||
الاهتمام بشريحة الشباب وتوعيتهم بمباديء الامام الحسين ( عليه السلام )، كان موضوع الخطبة الثانية التي ألقاها سماحة الشيخ الكربلائي من على منبر الصحن الحسيني المطهر بتاريخ 30 / 8 / 2019، حيث بين سماحته في جانب منها ضرورة الحفاظ على الهويّة الثقافيّة والوطنيّة والدينيّة والأخلاقيّة لمجتمعنا وخصوصاً الشباب، في وقت تزايدت الحملات عليهم من أجل طمس هويّتهم الثقافيّة والأخلاقيّة والدينيّة، وكان الحديث موجها لعموم الشباب الذين ذكرتهم الخطبة بأنموذج الشباب المؤمن من الذين استجابوا لفتوى الدفاع الكفائيّ، فجاء ضمن هذا السياق ما نصه: "طبعاً هذا الأمر معنيٌّ به الجميع، كيف نستطيع أن نربطهم بشباب القضيّة الحسينيّة؟ نأتي الآن الى الشباب -أراجيزهم- أراجيز الشباب الذين قاتلوا في معركة الطفّ ماذا نفهم منها؟ علينا أن نعرّفهم بما كان يفهمه هؤلاء الشباب الذين قاتلوا، والآن أيضاً الشباب الذين قاتلوا في معركة الدفاع الكفائيّ عن العراق"..
نلاحظ هنا المثال الذي جاء في هذا النص الذي تضمن كلمة ( أراجيزهم ) في اشارة لأراجيز الشباب الذين قاتلوا في معركة الطفّ، ومن ثم الاشارة للشباب الذين قاتلوا في معركة الدفاع الكفائي عن العراق، مما يستدعي منا التوقف عند هذه الاشارة المهمة لقضية الأرجوزة التي صدحت بها حناجر أصحاب الامام الحسين عليه السلام قبيل نيلهم للشهادة ولقاء الله تعالى، ونلتفت للمراد من هذه االفقرة في الخطبة، فاذا بنا أمام قضية كبرى امتدت منذ ذلك الزمان وامام جيل يعلن نصرته للحسين عليه السلام ويجدد ولائه على أرض العراق، ويقدم بين يدي شهادته الأرجوزة تلو الأخرى وان اختلف لفظها لكنها تحمل نفس تلك الحماسة واليقين بالسعادة الابدية مع النفس المطمئنة في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
فأذا بالسبعين من الصحب الكرام قد منحوا شجاعتهم وهمتهم لرجال في زمن اخر غير زمانهم، فأصبح على السواتر ألف حبيب وألف زهير وبرير وعابس، فتغنى الفتية وهم يستنشقون البارود عطرا ( أميري حسين ونعم الأمير... ) وقام بينهم المهوال وهو ينكس راية داعشية ويستنهض همم الرجال فيرتجز بلهجة جنوبية لطيفة: ( نخبة تعاهدو ولكطع الانفاس.. يعيدون بخصمهم صولة العباس.. بيت وبي علي الكرار ما ينداس.. محروس بهيبة فقاره)، فيردد الابطال ( محروس بهيبة فقاره)، وفي تلك البوادي والقفار والجبال وتلك الأودية التي يحرسها جند المرجعية والولاء لقضية الحق، تتراءى عاشوراء وتتضح معالمها بشكل يختلف عن وضوحها في مكان آخر، وسماع صدى اصوات شهداء كربلاء يطغى على صوت ازيز الرصاص ودوي الانفجارات حتى كأن جون يرتجز بينهم: (كيف ترى الكفار ضرب الاسود.. بالسيف ضربا عن بني محمد )، فيأتيه نداء من جماعة تحتضن السلاح وقد غيرت الشمس ملامح وجوههم: ( نحن لا نهزم ومنا عطاء الدم..).
حتى أم جاسم التي رافقت فرسان الهيجاء في معارك النصر كأنها قد استلهمت العزم من تلك العجوز التي حملت عمود خيمتها تريد مقاتلة الاعداء به وهي ترتجز: (انا عجوز في النساء ضعيفة.. خاوية بالية نحيفة.. أضربكم بضربة عنيفة.. دون بني فاطمة الشريفة)..
هكذا تحقق النصر .. بامتداد القضية الحسينة تحقق.. بفتوى المرجع الأعلى تحقق.. بعزيمة الرجال ونصرتهم المعدة تحقق، بالأرجوزة والحماسة تحقق.. وبابتسامة على ثغر أصغر الشهداء.
..........................
https://telegram.me/buratha