المقالات

الكتلة العابرة للمحيطات..!


 

عمار محمد طيب العراقي||

 

ثمة حقيقة لا يمكن القفز عليها، وهي ان العراق بلد مكونات، وهذه الحقيقة ليست عارا؛ نلفت بسببه رؤوسنا الى الحيطان، لتجنب أن يراه احد ما في وجوهنا، بل هي حقيقة يجب التعايش معها  بقبول تام، وأن نبني وبإيجابية دولتنا ونظامنا السياسي، إستنادا الى معطايتها..

لهذا السبب وليس لغيره، فقد نصت المادة الثالثة من الدستور لسنة 2005 ، على أن (العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب)، وهذا التوكيد لم يأت بنية تجزئة العراقيين، أو لإشاعة الطائفية في صفوفهم، بل جاء لينهي حقبة طويلة أمتدت لـ83 عاما، من عمر الدولة العراقية الحديثة، من سياسات التهميش والإقصاء لمكونات الشعب العراقي، وحصر السلطة بيد نفر قليل من سياسيي مكون واحد، مارسوا الحكم بسياسة الحديد والنار، التي أباحوها لأنفسهم بمعادلة مقلوبة، حيث اقلية مكوناتية تحكم الأغلبية..

الإعتراف بأن (العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب)، كان مفتاحا ذهبيا لأن نبني دولة ديمقراطية قائمة على قبول التعددية، سواء كانت تعددية سياسية، تؤدي الى نظام حكم  ديمقراطي، أو تعددية إجتماعية، تعني تعدد أشكال الروح الاجتماعية في نطاق كل جماعة، وتعدد الجماعات داخل المجتمع، وتعدد الجماعات نفسها، كما أنها تعني الايمان؛ بوجود عديد من طرق الحياة العقلانية لعيش الحياة الكريمة.

التعددية تعني فيما تعني؛ الالتزام بفكرة, انه ينبغي للمواطنين؛ ان يكونوا قادرين بصورة حرة، على اختيار البديل الذي يناسبهم، من بين البدائل المتاحة لعيش حياة كريمة، وتنتعش التعددية والتنوع؛ في اطار الوحدة والرابط المشترك وضمن اشتراطاتهما, تعني التعددية أيضا؛ تنوع قائم على قبول التميز والخصوصية، ولا يمكن اطلاق التعددية على التشرذم والقطيعة؛ التي لا جامع لآحادها, وعلى الآحاد التي لا اجزاء لها، او المقهورة اجزاؤها عن المميزات والخصوصيات..

التعددية السياسية والمجتمعية والإيمان بها، كوسيلة لبناء دولة العدل والكفاية، لم تكن أبدا سببا لفشل الدولة، التي أنشأت بُعيد زوال نظام القهر الصدامي، بل إن فشل الدولة كان بسبب؛ عدم إيمان السياسيين الذين يمثلون المكونات بالتعددية ذاتها، فالفئة السياسية التي تمثل الأكراد عينها بقيت ثابتة على الإنفصال وحلم مملكة كردستان الكبرى، التي يحكمها ملوك من أسرة بارزاني، فيما ممثلو السنة كانوا وما يزالون، مؤمنين بأن قوتهم تكمن بالنظر نحو الدول العربية كمصدر قوة، مفضلين ما يطلقون عليه العمق العربي، على عمقهم الوطني العراقي، ولهذا كانت عمان ودمشق والقاهرة والرياض ودبي، حاضرة وبقوة في الساحة السياسية العراقية.

فكرة إنشاء كتلة سياسية عراقية عابرة للطوائف، لم تكن أبدا حاضرة في أذهان السياسيين الأكراد أو السنة، فالأكراد ليس لهم إلا هدف واحد فقط، وهو إنشاء دولة  كردية مستقلة، يبنون مقوماتها بمال النفط الآتي من الوسط الجنوب العراقي، فيما السنة عينهم على هدف واحد لا غير، وهو السلطة المطلقة كما كانت ابدا بيدهم لخمسة عشر قرنا.

لهذا فإن حديث بعض القادة السياسيين الشيعة، عن كتلة سياسية عابرة للمكونات، يعني القبول بأن يبقى الوسط والجنوب، بقرة يحلبها الأكراد كثمن لبقائهم الشكلي، في عراق لا يعترفون بالإنتماء اليه، والدليل أن لهم علمهم الخاص بهم، ويعني ايضا منح السنة مزيد من مظاهر السلطة ومقوماتها، توطئة لعودتهم الى الإمساك بها بقوة، لأن الشيعة لا يصلحون للحكم بل هم صالحين للطم على الحسين فقط، كما يشيعون في ادبياتهم وفي الإعلام الموجه، الذي ينفق عليه عمقهم العربي بسخاء فريد.

في جبهة المكون الشيعي، دعاة مشروع الكتلة العابرة للمكونات عملوا وبقوة، وطيلة العشر سنوات المنصرمة، على تمزيق المكون الشيعي، الى حد أضعفوا فيه فكرة التعددية السياسية والمجتمعية، التي تقوم عليها فلسفة الدولة العراقية الحديثة.

كان أولى بالعابرين للمكونات أن يذهبوا نحو هدفهم اقوياء، مدعومين من قبل مكونهم السياسي والمجتمعي، لكي يبنوا مع الجميع دولة قوية عادلة، يعرف فيها كل عراقي فردا او مكونا، ما له وما عليه.

دعاة الكتلة العابرة للمكونات خطوا خطوات عملية نحو هدفهم، وشرعوا بدعوتهم بإستقبال السفير الأمريكي ماثيو تولر، ليؤكدوا له "أهمية تطوير العملية السياسية والإستجابة للمتغيرات التي طرأت على الواقع الإجتماعي في العراق" وأن "التحالف العابر للمكونات يمثل مدخلا لحل الأزمة العراقية ومتغيرا استراتيجيا في المعادلة السياسية".

بحث شأن سياسي عراقي داخلي، مع سفير اجنبي، وأمريكي تحديدا، يعني أن هذا التحالف عابر للمحيطات..!

شكرا

25/11/20120

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمد صالح
2020-11-25
العراق بلد.متعدد لايختلف عليه اثنان وتجربة القوائم المكوناتية فشل لحد الان، فالساسة يريدون الابقاء على قوائم المكونات معناه ابقاء شعاراتهم المذهبية لاستغفال الناس واستغلال عواطفهم للفوز بأصواتهم و١٧ عام من الفشل تكفي دليل...الشارع العراقي ادرك هذا الان لذا اجتماع الكل في قوائم من جميع المكونات الحل الافضل اما الخوف والتخويف فهذه حجة الضعفاء ولا نظن ان الشيعة ضعفاء لدرجة ان الاكراد سيأخذون حقوقهم وهم يتفرجون.. والسلام
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك