واثق الجابري||
صدق النائب الكوردي في بعض كلامه الذي يقول: " يصوت ضدنا في مجلس النواب، ويركب معنا الطيارة ليقضي إجازته في أربيل، لأننا منحناه هنا الأمان المفقود في مدنهم، فمنحنا النكران.. قليل من الوفاء يا أهل القيم!.. وهنا قد يبدر السؤال مَنْ الذي أنكرَ حق مَنْ؟ ومَنْ هم أهل القيم الذين يقصدهم؟!
ثمة أسباب جعلتنا نصدق بعض ما قاله النائب ونستفهم ونستغرب من آخر.. فحين تحدث بعضه كان بحقيقة وتعصب منكرا الحقيقة ومصلحة الدولة والشعب في آخر كلامه.
سافرت العام الماضي في عطلة أحد الأعياد إلى السليمانية، وحين تجولي بصحبة صديقي وعوائلنا في "فاملي مول" صادفنا نائبا لا نريد أن نحد جنسه ذكرأم أنثى، بل أمضي مع التسمية التي تعطي للجنسين نفس التسمية، كون تأنيثها يعني مصيبة، والبقاء بأسم نائب لأنهم يتوبون عن الشعب ويمثلون صوته وتطلعاته، وبينما كان يشرح ونحن نتقدم عوائلنا؛ استغربنا وجود نائب طالما هاجم كردستان والى اليوم، يتجول بنفس الموانع عائلته بلا حماية، ووقفنا مستغربين وأنظارنا بأتجاهه وهو كذلك، ولا نعرف هل صدم بمشاهدتنا؟ أم أنه أعتقد أن له جمهورا في كردستان ويؤيدون نقده سلطة الأقاليم.
أكملها مشوارنا في مدينة السليمانية، بعد أن حولت تلك الصدفة حديثنا إلى سياسي، وتذكرنا حادثة القائد العسكري الذي أوقفته سلطات الأقاليم لمخالفته القوانين، حينما ذهب إلى كردستان بسيارة حكومية عسكرية وهو يرتدي ملابس مدنية، وقلنا أن سلطات الأقاليم تُحاسب على مخالفة القانون ولا تحاسب على الرأي ولكنها بنفس الوقت تسمح بتواجد من يخالف قوانين الحكومة الإتحادية، ويخالفون الدولة بخطابات تحريضية منها ما يشجع على الإرهاب والطائفية، وما دام النائب الذي يخالفهم بالرأي يتجول بدون حماية، فمؤكد من يُحابي الأقاليم سيكون أستقباله بالسجاد الأحمر.
امتاز الإقليم بالنظام والانضباط والنظافة والخدمات، وكأنك تشعر أن جولتك في دولة آخرى، حينما ترى المسؤول في ساعة متأخرة، يتوقف في الاشارة الضوئية في شارع يخلو من السيارات والمارة، ولاتجد أصوات المنبهات كما تسمعها هنا وأن كنت متوقفا في أزدحام خانق أو عند دخول نفق ما، وشاهدنا الشوارع مُعلمة بالاشارات الضوئية والفسفور والتقاطعات لا تسمح بالتوقف على يمينها، ولم نرى حارساً او رجل أمن الاّ ما ندر ولا سيطرة توقفك لوقت طويل وحراسها منشغلين بالحديث والموبايل، ولم أرَ إنقطاعا للكهرباء وعرفت أن البلدية وضعت عداد في كل مولد أهلي لتحاسبه نهاية كل شهر على مصروفاته وتقسمه على عدد الامبيرات وتحدد ما يأخذه في ذلك الشهر، فلا يكون إتفاق في بداية كل شهر بين أصحاب المولدات ومنظومة الكهرباء على قطعها، من أجل إرغام المواطن على الدفع.
توقفت كثيراً عند الاقليم الذي نظم كل شيء ولم ينظم علاقته مع المركز، وما تزال بعض الاصوات تلوح بالانفصال، وتعتقد بتفضلها بالبقاء مع العراق، وبنفس الوقت هناك نواب يغذون هكذا أفكار سواء كانوا كوردا أو عربا؛ فلا يتذكر الكوردي أهمية وجوده مع المركز، والعرب يسافرون الى كوردستان ولم يتعلموا من تجربتهم في تقديم الخدمات..
الغريب من تلك المواقف كان مهاجمة نواب كورد للسيد عمار الحكيم، الذي طالما كان يؤكد على أهمية الإجماع الوطني، بل ويتهم بالعلاقة التي يُسميها "إستراتيجية" مع الاقليم وحصل هذا الاتهام، بعد إجتماع رعاه للتصويت على قانون الاقتراض، بعد أن صارت القوى السياسية والحكومة على محك يهدد الدولة بالانهيار ، ولابد من حل تُجمع عليه القوى السياسية.
خرج الكورد من البرلمان ناقمين وناقدين على من صوت وهيأ للتصويت، في حين كان القرار فيه إلزام للأقليم بتسديد الصادرات النفطية للحكومة عن طريق شركة سومو الوطنية، في الوقت الذي يقولون أنهم ملتزمون بالدستور العراقي، ولكن الفعل مخالف حيث فيه الواردات اتحادية، وطيلة السنوات السابقة لم يلتزم الاقليم بالتسديد، ولا تعرف الحكومة كمية المستخرج ، الذي يقولون أنه 250 ألف برميل يوميا، ويمتنعون عن ربط رواتب الموظفين بالحكومة.
إن إمتناع الاقليم عن التسديد هو إجحاف أولا بحق موظفي كوردستان الذين لم يستلموا رواتب منذ 6 أشهر، وذريعة الاقليم إتهامهم حكومة بغداد، لأجل تصعيد المواقف والتنصل من مسؤولية إرباك علاقة المركز بالاقليم، وكذلك المنافذ التي يؤثر عدم السيطرة عليها، في تهديد الأمن الغذائي وحماية المستهلك والمنتوج الوطني، ناهيك عن إحتضان الاقليم لأشخاص ليسوا مخالفين بالرأي فحسب، بل يهددون النظام السياسي ومنهم مطلوبون للقضاء ويحرضون على الارهاب والطائفية.
وضع النقاط في نصابها لا يعني إنكار من الذين صوتوا على القانون، وأن من القيم أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، وأن كانوا يؤمنون بالعراق الموحد، عليهم أن يؤمنوا بالمثل العراقي الذي يقول: " إذا تريد صاحبك دوم، حسابه كل يوم" فإذا الاقليم يريد العراق ودستوره عليه القبول بالمحاسبة الوطنية، وكذلك العلاقة الإستراتيجية ، لا تدوم الا بالثقة بين الطرفين.
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha