السيد محمد الطالقاني||
طوال اربعون عاما لم يذق العراقيون طعم الهناء،في ظل حكم دكتاتوري جائر لم يشهد التاريخ المعاصر مثله, حيث تعرض فيها الشعب العراقي الى اشد انواع الظلم والاستبداد والقهر والحرمان والإقصاء .
وقد سيطر حزب البعث المقبور على الثقافة العراقية باظهاره "أدب الحرب" على أنه النوع السائد, من خلال عقد المهرجانات الأدبية وتخصيص جوائز للشعراء ووعاظ السلاطين لتسخير اقلامهم حول ثقافة الحروب بحجج واهية,واستطاع البعث الكافر بذلك ان يشن الحروب على الدول المجاورة له ويغرق البلاد في ديون يدفع الشعب العراقي ثمنها حتى يومنا هذا.
وعندما زال حكم الطاغية المقبور ونظامه الكافر, تنفس العراقيون الصعداء، وملأت الفرحة نفوسهم ووجوههم, وتصورا أن السنين العجاف التي تعرضوا فيها للعذاب قد ولّت الى الأبد، وأن لا عودة للاستبداد والفساد، وأن أبواب النعيم قد فتحت على مصراعيها لهم كي يعيشوا بأمن وسعادة وسلام.
لكن هذه الأحلام بقيت على حالها، ولم تتحول الى حقائق حتى هذه اللحظة، فالعراقيون يعانون اليوم من الفساد الحكومي المنتشر في مفاصل من الدوائر والأجهزة الحكومية، وقد حدث هذا بسبب عودة البيروقراطية بأبشع صورها، وانتشر الفساد الإداري وتم الاستئثار بأموال الشعب بطرائق شتى ما أدى ذلك الى زيادة الحرمان والبطالة, وارتفاع نسبة الفقر, وانتشار الأمراض والجهل بين الناس، وقد أدى الوعي الهابط لكثير من العراقيين الى عدم التفريق بين المسؤول الجيد والمسيء، حتى بات الخلاص من الجوع والحرمان يدفع بالناس الى اختيار من لا يستحقون ذلك، لاسيما أن بعض الأحزاب والكتل والشخصيات استخدمت أساليب الزيف والخداع لحث الناس على إعادتهم لمواقعهم في المسؤولية.
ان البلاد اليوم تعيش اوضاعاً أمنية وسياسية غير مستقرة بسبب سياسة التعنّت وعدم امتلاك جرأة الإقدام على تقديم التنازلات تماشياً مع المصلحة العليا للبلاد،
وليس هناك من يحاول ان يجد حلاً، فالسلطة السياسية تناسلت الفساد وتحوّلت الى شركة مغفلة تنهب البلد وتمص دم المواطنين.
ان سياسة التجويع التي تمارسها الحكومة اليوم من خلال قطع البطاقة التموينية, وقطع الرواتب, واغراق البلاد في الديون الخارجية, والديون الداخلية الامر الذي سيضع العراق رهنا بيد الاستكبار العالمي , الذي طالما كان يحلم بنهب ثروات هذا الشعب المظلوم.
ان من احب عمل قوم حشر معهم , وسكوت كل الطبقات السياسية عما يجري في العراق بمثابة القبول والرضا عما يحصل من ماسي ومحن لهذا البلد الجريح.
ان رجال المرجعية الدينية, ورجال المقاومة الاسلامية لازالت ايديهم على بنادقهم, لان الفتوى لازالت قائمة, وسيكون الحساب للجميع عسيرا, وان يَوْمُ الْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ أَشدُّ مِنْ يَوْمِ الظَّالِمِ عَلَى الْمَظْلُومِ. فعلى المسؤولين والحكام أن يتّعظوا ممن سبقهم قبل أن يصلوا إلى لحظ الانهيار التي تنتظرهم في أية لحظة قادمة... وقد اعذر من انذر
https://telegram.me/buratha