قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com||
كشفت نتائج الأنتخابات الأمريكية عن حقيقة مهمة، وهي أن المجتمع الأمريكي منقسم لإنقساما مقلقا، فقد صوت غالبية الامريكيين البيض لترامب، فيما صوتت الأقليات والملونين والبرتستاني لبايدن، مما يعني ان أولوية الرئيس القادم، سواء كان بايدن او ترامب، ستكون العمل على إعادة اللحمة للمجتمع الأمريكي.
كما كشفت نتائج الأنتخابات عن حقيقة ثانية، وهي أن ترامب يعبر عن وجود تيار إجتماعي واسع، هو التيار القومى، ولذا فإن على بايدن إذا ما ثبت كرئيس، أن يقدم تنازلات لهذا التيار، بكي يحافظ حد أدنى من وحدة المجتمع الأمريكي، الأمر الذي يرجح أن يكون برنامج الإدارة القادمة، مبنيا على تسوية بين برنامجي الديمقراطيين والجمهوريين.
ثمة حقيقة ثالثة، هي أن الانقسام في امريكا بين الديمقراطيين والجمهوريين، وجد صدى له في المنطقة العربية، فصار المحور السعودي الاماراتي المصري، متحالفاً عملياً مع الحزب الجمهوري(ترامب) ، بينما قطر وتركيا كانوا حلفاء للحزب الديمقراطي(بايدن).
الحقيقة الثالثة هي أن قطر المبتهجة بفوز بايدن، تتصور ان دورها سيتوطد، إلا ان فرحتها لن تصل الى مداها، لأن محور السعودية الامارات مصر تحسب للأمور، فأمن موقفه بعلاقة دافئة مع إسرائيل، ولذا فان أية ضغوط أمريكية مستقبلية مضطرة لأخذ ذلك بالاعتبار، فضلا عن ان السعودية والامارات خزانان كبيران للنفط، وتملكان صناديق سيادية ضخمة، وأي رئيس أمريكي سيحسب الف حساب، قبل ان يفكر بزعزعة بتقويض العلاقة الاستراتيجية معهما، خصوصا أنهما دولتان مركزيتان؛ فى المسعى الأمريكى الاسرائيلي لاحتواء إيران.
نعم من المتوقع أن يوجه بايدن، ضغوطا على السعودية والامارات ومصرـ في ملفات حقوق الأنسان والحرب في اليمن، والتخفيف من الطابع السلفي المغلق؛ للآيديولوجية الرسمية السعودية، وكذلك تقييد الدور الاقليمي للامارات تحديداً، لكن هذه الضغوط ستبقى في الحدود التي لا تقوض العلاقات الامريكية الاستراتيجية بهذه الدول، خصوصاً وان الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ستكون كابحاً قوياً لإدارة بايدن الديمقراطية.
نشير أيضا الى حقيقة خامسة كاشفة لما سبق وما سيأتي، وهي أن بايدن، وفي كل المناظرات والانتقادات لترامب، لم ينتقد سياسة ترامب تجاه اسرائيل، ما يعني ان أمن اسرائيل محل اتفاق بين الحزبين، واذا كان متوقعا أن يخفف بايدن، إجراءات عزل السلطة الفلسطينية، وقطع تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا) التي أتخذها ترامب في إطار صفقة القرن، لكن ليس متوقعا ان يتراجع بايدن؛ عن خطة ترامب في دفع مزيد من دول المنطقة للتطبيع مع اسرائيل.
الحقيقة السادسة وهي حقيقة دائمة، تفيد إن الأستراتيجية العامة في الشرق الأوسط ؛ للنظام الأمريكي كائنا من يكون رئيسا له، تقوم على تأمين منابع النفط وطرق إمداده، كأولوية موازية لأولوية المحافظة على أمن اسرائيل، فضلا عن إستخدام ورقة الإرهاب في إدارة صراعات المنطقة، وكوسيلة لإستمرار الهيمنة والوجود العسكري الأمريكي، وستظل هذه الأولويات حاكمة للسياسة الأمريكية؛ رغم الفروق التفصيلية بين الحزبين؛ في كيفية تحقيق هذه الأولويات.
كلام قبل السلام: من الحقائق الست الآنفة، نتوصل الى الحقيقة السابعة، وهي ان ألأمريكان لن يخرجوا قواتهم من العراق والمنطقة بالعيني والأغاتي، بل سيخرجون بـ"جلاليق" رببع الله، وهذا ما أدركه بايدن، فأفضت مباحثات فريقه السرية مع فريق ترامب، الى أن يصدر ترامب قراره بإنسحاب جزء مهم من القوات الأمريكية؛ من العراق وسوريا وافغانستان قبل إستلام بايدن لمهامه، لأن الرجل لا يريد أن يستقبل ولايته بالـ"جلاليق"..!
سلام
https://telegram.me/buratha