د.حيدر البرزنجي||
الإسلاميون العراقيون ومستقبل السلطة –
بين اللا واللعم - أجادوا اللا – فهل يجيدون اللعم ؟
مايسجل على القوى الاسلامية (الشيعية خصوصاً ) سلسلة طويلة من الاخفاقات والفشل والفساد والاتهام بالعمالة والتبعية ، وبضجيج اعلامي وسياسي ،شكّل جداراً صلباً من حولهم يصعب اختراقه ، فمن يستطيع مواجهة كل ذلك السيل العارم من الاعلام مختلف المصادر هائل الامكانات ، ومن هو (الفدائي ) الذين يمكنه المغامرة بكشف جانب اخر للمشهد ،دون أن يخشى التعرض لسيول من التشكيك والطعن ؟؟
ومع ذلك فليس منطقياً الخضوع دون (التمرد) المعرفي على القيود التي صنعها الاعلام .
كيف بدأ الاسلاميون مع السلطة السياسية ؟
لم يسبق في كل تاريخ العراق الحديث ، أن تسنت الفرصة للاسلاميين في الوصول الى الحكم ، ولم يكونوا قد تمرسوا بما تتطلبه دهاليز السياسية وفن خداعها ، فقد تعودوا ان يكونوا معارضين لاحاكمين ،والمعارضة (فن) سهل ،ذو بعد واحد يعتمد على مفردة واحدة بسيطة (لا)، فيما أساليب الحكم ، تتطلب مفردة مركّبة متشابكة (لعم)
وهو مايمكن ترجمته ب (العصا والجزرة ).
جاءتهم السلطة ضمن ظروف عاصفة ، فبين احتلال مهيمن ، وأحقاد منطلقة ، وخشية متوطنة في النفوس ، بعد أن أوهمهم الخطاب القومي بنزعته الطائفية ،إنهم وان كانوا أكثرية في العراق ، إلا انهم إقليّة في محيطهم ، لذا تناثروا بين الدفاع عن أنفسهم وتثبيت سلطتهم ، وبين مواجهة شراسة الهجمات الارهابية والخطاب التحريضي وتشويه المشهد بالكامل ، لذا أجبروا على التخلي عن (صلابة السلطة) بلاءات قراراتها ، في مقابل (نعم) الارضاء للخصوم ، كي لايتسببوا بالمزيد من الأذى .
لكن ، هنا تبرز اداة الاستدراك ليس بكونها ردة فعل وحسب بل تحولت مع مرور الوقت ومران التجربة ، الى فعل بدوره ، فما دامت المعركة قد فرضت عليهم ، اذاً عليهم خوضها ، لكن بصبر استراتيجي .
استخدم الخصوم ،أقصى ما يستطيعون استخدامه ،وبمستويات متعددة ، من العنف بحدوده القصوى وباستهداف منظّم طال الحاضنة الاجتماعية برمتها ، وصولاً الى (العصب الحي) ، الى الخطاب السياسي والطائفي المشبع بالتحريض العلني ، الى وسائل الاعلام بمختلف اشكالها واساليبها .
لم يسبق ان شهد تاريخ الشعوب وتجاربها ، ان تعرضت قوى سياسية لهذا المستوى والحجم من الهجوم ، فلم يصمد الاخوان المسلمون في الحكم سوى عام واحد ، انهاروا بعدها ،رغم ان ما تعرضوا له لم يكن مساوياً أو قريباً ، لكن الاسلاميين في العراق كان وضعهم مختلفاً ، فقد بدا ان الهجمة لم تكن لتكتفي بهم كقوى سياسية ، بل ستتجاوز ذلك الى المجتمع ذاته ، ما ايقظ فيهم – سياسيون ومجتمع) نوعاً من التحدي ، فتلقوا الضربات المتتالية ، لكنهم صمدوا بعناد ، ولم تنجح مقولة (سنرعبهم ليعيدوا السلطة ) فوجه ضربات حسث يجب أن تكون وعند الضرورة – كما في مواجهة داعش – ولم يلجأوا الى الانتقام لضحاياهم – كما في سبايكر -.
مجموعة من الثوابت ، يمكن تلخيصها بما يلي :
1- لم يتخلوا عن التبادل السلمي للسلطة ، ولم يعلنوا حالة الطواريء أو يجهضوا الديمقراطية ، حتى في أحلك المراحل .
2- حافظوا على وحدة العراق ودافعوا عنها بقوة .
3- امتصوا وبدفاع استراتيجي ، الكثير من الهجمات بكل انواعها ، والتزموا بنسبة كبيرة بمبدأ الحريات العامة ، وحرية الصحافة والاعلام .
4- رغم كل ما اشيع ونشر وقُدّم عن حجم الفساد المستشري في مفاصل الدولة ، الا ان متوسط الدخل الفردي – وحسب التقارير الدولية – ارتفع الى مايقرب من 8 الاف دولار سنوياً ، وانفخضت نسبة البطالة – قبل كورونا – الى حوالي 14 % ،كما اترفع احتياط الذهب الى حوالي 90 طناً ، واحتياط البنك المركزي الى أكثر من 70 مليار لادولار .-----
يتبع – الاسلاميون في مواجهة حركة الاحتجاج ..