المقالات

ما تحت العباءة..!


 

علي علي ||

 

مع تناسل بني آدم تناسل الخير والخيرون من دون انقطاع، مقابل هذا تناسل الشر، وتناسب الشريرون وتصاهروا في مناكب الأرض، فبدت موازينها معتدلة تارة بفعل بسط الخيرين أفكارهم وأفعالهم، ومقلوبة تارات أخرى بفعل الشريرين ومعتقداتهم ومكائدهم وغدرهم، فهم -الشريرون- اعتادوا على الخراب، ولايهنأ لهم عيش إلا بإشاعة الدمار وسط معيتهم وإن كانوا من أبناء جلدتهم، وبين هذا وذاك نشأت دول واندثرت أخريات.

  من بين هذه الدول أرض وادي الرافدين التي شهدت منذ الأزل تكالب الشريرين عليها، مع أن أغلب الخيرين والصديقين والأولياء والأتقياء عاشوا فوق أرضها، وكثير منهم وارى جثمانهم ترابها، فاكتسب بضمهم قيمة عليا سمت بسموهم وعلت بعلوهم. وأرض مثل هذه من الواجب الحفاظ على إرثها الحضاري، وهذا لن يتم إلا ببسط القوة والقدرة والسيطرة والهيمنة لدى حاكميها، ومن يتقلدون مراكز صنع القرار وتنفيذه فيها، لاسيما المسؤولين عن حمايتها، وتزداد الحاجة الى القوة أكثر من هذا، عندما يطفو على السطح نفر ضال ليس لاعوجاجه تقويم بالنصح والإرشاد، فتغدو القوة بكل اتجاهاتها ودرجاتها، الوسيلة الوحيدة في التعامل مع انتهازيين ونفعيين ومفسدين، لايمتلكون من الشرف والقيم والأخلاق والمبادئ حدا أكثر مما موجود في الضباع والثعالب، لما تحمله من صفات المكر والغدر والخديعة.

  إن مفسدي اليوم يمتلكون من الشر وجهين، الأول ظاهر يتمثل بأقوالهم، والثاني باطن يتجسد بأفعالهم ونياتهم المبيتة، وفي حقيقة الأمر أن الباطن أضحى أكثر وضوحا من الظاهر، وأقرب للقراءة والإدراك منه، فصار سواء لدى العراقيين حالا الباطن والظاهر. فأفكار ساستنا غالبا ماتكون مقروءة قبل نطقهم بها، لاسيما بعد أن خبرهم العراقيون وأدركوا تماما مبتغاهم في المفردة التي يتفوهون بها، وهذا طبعا بفضل تصريحاتهم خلف مايكروفون هنا أو على منصة هناك، وقد فاتهم ان العراقيين يتمتعون بقوة فراسة ودقة تخمين وصحة حدس، وأغلبهم كما نقول؛ “يقرون الممحي”، وقد باتوا يدركون مغزى تصريحات الساسة قبل بثها، وصاروا يستشفون النيات المبطنة والمعلنة على حد سواء، حتى صار المخفي منها محسوسا وملموسا وواضحا، وضوح الفنار في عرض البحر.

  شاهد حديثي في كل ماتقدم، هو المخاوف التي تساور أغلب العراقيين، من عدم مصداقية الكتل التي نادت بالإصلاح والتغيير منذ سنوات، واعتصمت متخذة لنفسها مكانا قصيا تحت قبة البرلمان، ومعلوم أن كتلنا وأحزابنا وقوائمنا هي كما يقول مثلنا؛ (سيف المجرَّب) ورؤساؤها وأعضاؤها مجرَّبون بما لايسعد صديقا حميما، ولا يفرح عراقيا شريفا، ولايغيظ عدوا بغيضا، وإنه لمن المؤسف أن غبارا بدأ يعلو سماء تلك الكتل السياسية التي عوّل على أعضائها العراقيون في تخليصهم من غول سياسة التحاصص، ولا أظنني أستبق الحكم في الانتخابات المقرر إجراؤها مبكرا، واستعجل اتهامهم في تمويه من نصبهم ممثلين عنه، فالأيام المقبلة كفيلة بكشف المستور، لاسيما أن الخديعة هذه المرة لن تنزع ثوب المحاصصة الخليع، الأمر الذي يذكرني بمثلنا العراقي الدارج؛ “من فوك هلله هلله ومن جوه يعلم الله”.

 

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك