د.علي الطويل||
يتابع العالم باجمعه مايدور حول الانتخابات الامريكية ، وقد انقسم الكثير من الناس في داخل امريكا وخارجها ، الى ثلاثة اقسام ، فمنهم من يريد الفوز لترمب ومنهم من يريد الفوز لبايدن ، وقسم ثالث غير معني تماما بهذه الانتخابات او انه يعتبر ان فوز اي من المرشحين سوف لن يغير شيء من واقع الامر في سياسة امريكا الداخلية والخارجية ،وهذه هي الحقيقة الاكيدة فالامور سوف لن تتغير بفوز احدهم ، فحقيقة امريكا واحدة ، وهي انها دولة مستعمرة هدفها نهب الدول واخضاعها سياسيا واقتصاديا وتحطيمها اجتماعيا لضمان استمرار النهب ، وفوز اي من المرشحين سوف لن يغير من الاهداف وانما تتغير التكتيكات ولكن يبقى الهدف واحدا بالنسبة للحزبين الجمهوري والديمقراطي . صحيح ان هذه الانتخابات تختلف نوعا ما عن سابقاتها وخاصة في الداخل الامريكي ، وبالخصوص بعد الفوضى الكبيرة التي احدثتها عملية قتل الرجل الاسود، والانشقاقات الاجتماعية التي افرزتها سياسة ترمب الرعناء ، فجمهور الطرفين اتخذ الجانب الحاد في رفض الطرف الاخر ، وذلك بفعل التجييش الغير منطقي لترمب لانصاره ، والتلويح بالقوة في حال الخسارة مما الب الجمهور الامريكي تجاه الطرفين بين مؤيد ومعارض ، وكل ذلك سوف لن يغير طبيعة الغطرسة الامريكية، الا اذا تطورت الاوضاع باتجاه الصدامات الداخلية عند ذاك ستنشغل امريكا بنفسها وتترك الاخرين ، ولكن يبقى موقف امريكا تجاه الاخرين لن يتغير بطبيعة الحال كما اسلفنا ، فتاريخ الرؤساء في امريكا وسياستهم الخارجية تجاه دول العالم وخاصة منطقة الشرق الاسلامي تاريخ اجرامي ، فلا يوجد رئيس امريكي الا وكان هدفه الاول هو حماية اسرائيل ومساعدتها في توسعها وغطرستها ، فلم يحدثنا تاريخ هؤلاء عن انصاف الفلسطينيين او انصاف العرب والمسلمين ،وكل مانجده في التاريخ المعاصر انهم يداورون الحرب بين الدول الاسلامية ، فاحدهم يحارب بجيش امريكا، والاخر يحارب بجيوش دربتها اجهزته الامنية لتكون ذراعا تنفذ مخططاته ، فشاهدنا تدوير داعش من افغانستان الى العراق ثم سوريا ثم ليبيا ، وهذا التدوير جرى في عهود اربع رؤساء لامريكا بين جمهوري وديمقراطي ، فالامر واحد لدى امريكا حين يفوز هذا او ذاك . ان الشعوب الاسلامية وحكوماتها عليها ان تعي ذلك تماما ، فلا ترمب سوف يكون منصفا ، ولابايدن سوف يكون رحيما ، فامريكا التوسعية الاستغلالية لن تتغير اهدافها ولا اساليبها بتغير الرؤساء لان ذلك وهم كبير ، فما على الدول الاسلامية الا ان تسعى لتقوية جبهاتها الداخلية والخارجية وتوحد مواقفها ، لان ذلك هو السبيل الوحيد للحفاظ على وحدتها وتماسكها الداخلي ، وهو السبيل الوحيد الذي سوف يجعلها تصمد في وجه امريكا ومخططاتها ، اما المراهنون على هذا الرئيس او ذاك ماهم الا واهمون او لديهم جهل بطبيعة الحكم في امريكا ، فالجمهورية الاسلامية الايرانية مثلا لم تعول على فوز احد الطرفين ، وهذا الموقف نابع من الخبرة العميقة نتيجة التعامل الطويل مع السياسة الامريكية بجمهورييها وديمقراطييها ، اما من يأملون هذا وذاك الا انما هم قصيري النظرة ولاينظرون الى مصالح بلدانهم العامة بقدر مصالح الحكام الخاصة ، فحكام الخليج مثلا وكنتيجة لما قدموه من رشوة كبيرة لترمب وكانت فقط من السعودية بمقدار ٥٠٠ مليار دولار كصفقات وهدايا شخصية ، فانه بالتاكيد سيزعجهم فوز بايدن ، وهذا قصور في الفهم السياسي وارتهان سياسة هؤلاء الحكام وانحصارها بمصالحهم الخاصة والمتعلقة بوجودهم بالحكم فقط.اما الشعوب الاسلامية في بلداننا فلايجب ان يتأملوا كثيرا من اي طرف من طرفي التنافس الانتخابي لانهم على سواء في التعامل مع كل القضايا الاسلامية والعربية .والواقع يخبرنا ان امريكا هي سبب لكل المأسي التي تعاني منها شعوب هذه المنكقة ولا فرق بين ديمقراطي او جمهوري .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha