عمار محمد طيب العراقي||
ما يحدث هنا في العراق، ليس إلا إخلال بالتوازن الاستراتيجي وغياب للخيارات الوطنية، الأمر الذي يدفع للركون إلى الحقائق القديمة، التي تتذرع بالقبول بالأمر الواقع، خوفاً من اقتحام مجهول لا تدرك عواقبه..
كل شيء يبقى على حاله..هذه هي رغبة الفارغين من عقول، والعاجزين عن إقتحام المستقبل.
المسلم به لدى الغالبية العظمى منا، هو أن اقتحام المجهول يتطلب قفزة إلى المستقبل، ولكن لا أحد يدري أبعاد هذه القفزة، أو المسافة التي يجب أن تقطعها، ولا أحد حتى من النخبة السياسية نفسها إن أرادت القفزة، نجد أنها لم تستعد ولم تعد الإعداد الأمثل لهذه القفزة، بل تبدو كأنها غير راغبة في أي تغيير إيجابي، مع ان التغيير بات ضرورة حتمية، سيجدون أنفسهم مرغمين على قبوله؛ لذا تصعب التوقعات لما هو قادم، وهذا ما يجعل السؤال عن المستقبل أمرًا في غاية الصعوبة والخطورة..!
كل ما نشهده من صراع سياسي، هو بسبب النموذج السيء لنوع "المشاركة" بالحكم بين "جماعات" من داخل النخبة السياسية، فكانت الحصيلة صراع بين جماعة أصيبت بالكساح، وأخرى أصابها الدوار؛ بسبب غياب مفهوم حقيقي للصراع السياسي، الأمر الذي يقود للفوضى الخلاقة، فأي دولة لا تبني مستقبلها السياسي، على وجود أغلبية حاكمة، تقابلها معارضة فاعلة إنما تنتظر الخراب...
لذا تحول الصراع من صراع بالكلمات الى صراع باللكمات بشكل دائم، خذوا نموذج الإستخدام اللاأخلاقي للعواهر في الصراع السياسي..عنوان من العناوين الساقطة التي تم توظيفها بدناءة!
يغدو السؤال إلى أين المسير؟ سؤال تبدو الإجابة عنه صعبة وسهلة في آن، فالسهولة تقول: نحن ذاهبون إلى انهيار، وهذه إجابة مخيفة..
أما الإجابة الصعبة، فتستوجب تحديد أفقها واحتمالاتها، وفي هذا ضبط لمساحة الإجابة..ومساحة الإجابة هنا المقصود لها لملمة شتات الجبهة الداخلية، وهذه اللملمة تبدأ بالحوار، الذي يجب أن تبدأه النخبة السياسية الحاكمة، بحوار مع نفسها أولا، وتطهرها مما علق فيها من أدران ثانيا، ثم تجلس مع الآخرين..
الآخرين هم ليسوا أولئك اللذين تحاورهم الآن تحت الطاولة، من أدعياء تمثيل المكونات وبقايا البعث، ولا مع المحاور السلبي في المكون السني، الذي أقفل وضعه على هدف السلطة ولا شيء غير السلطة، ولا مع القادة الكورد الذين ينظرون الى أي بقعة تقع جنوب سلطتهم القائمة، على أنها جزء سليب من أرض الجدود.
لا ليس مع هؤلاء المستهلكين يتعين اجراء الحوار...
الحوار المطلوب هو مع الذي فقد أبسط حقوق المواطنة، على يد النخبة الحاكمة فصار ناقما عليها، فهي لو أعطته حقه، وهي لو خدمته حقا ولو بالحد الأدنى، وهي لو وفرت له أساسيات العيش الكريم ، لكانت قد وفرت على نفسها كثير من دوخة الرأس، وكسبته الى صفها نهائيا، أينما يكون موقعه من مساحة هذا الوطن، في السهل أو في الجبل، في الهور أو في الزور، ولتفرغت من موقع أقوى الى محاورة مع الذين ذكرنا من قوى سياسية، ولكسبت كثيرا..
"يقتضي الحوار أن لا نفترض أننا مستقيمون، ومنافسينا أشرار"...!
ـــــــ
شكرا
4/11/2020
https://telegram.me/buratha