المقالات

في يومِ مولدِ الرسولِ الأعظم(ص)..اشكاليةُ الأديان وحريةُ التعبير


 

د. حميد مسلم الطرفي||

 

الدين حاجة وفطرة وغريزة ، مخطئ من يظن أنه ينقضي بالمعرفة أو يضمحل بالتنوير ، ومخطئ من يظن أن الغرب قد ركن الدين جانباً وزواه في الكنيس أو الكنيسة أو المسجد . لازالت الأديان وستبقى عمقاً روحياً وحضارياً لبني البشر أميهم ومتعلمهم ، عالمهم وجاهلهم ، الدين حاجة كما الأكل والشرب حاجة ، الاسراف في الأكل يؤدي الى التخمة والتفريط فيه يؤدي الى الجوع وكلاهما عوارض مرض . الدين حاجة تمس الأرواح وتناغم النفوس  وتحاكي الوجدان ، وتغذي المشاعر ، وتنمي الفضيلة ، وتلهب الحماس ، كل ذلك بحدود العقل والمنطق إذا لم يكن هناك افراط وتفريط في تلبية الحاجة الى الدين . الحرية هي الأخرى حاجة لكل بني البشر لكن الافراط فيها يعني الفوضى وانحلال القيم والتفريط فيها يعني الكبت والطغيان والظلم . وقد التفتت الى ذلك كل وثائق الحقوق والحريات التي صدرت في الغرب نفسه . فعلى سبيل المثال لا الحصر نص الاعلان العالمي لحقوق الانسان في المادة (١٨) على مايلي : " لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الفكر والوجدان والدِّين، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في تغيير دينه أو معتقده، وحرِّيته في إظهار دينه أو معتقده " صحيح أن المادة (١٩) منه نصت على : " لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود " ولكن انظر الى المادة (٢٩) من الاعلان نفسه كيف قيدت حرية التعبير بنصها على ما يلي : "

( 1 ) على كلِّ فرد واجباتٌ إزاء الجماعة، التي فيها وحدها يمكن أن تنمو شخصيته النمو الحر الكامل.

( 2 ) لا يخضع أيُّ فرد، في ممارسة حقوقه وحرِّياته، إلاَّ للقيود التي يقرِّرها القانونُ مستهدفًا منها، حصرًا، ضمانَ الاعتراف الواجب بحقوق وحرِّيات الآخرين واحترامها، والوفاءَ بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي " فهل الإساءة المتعمدة للأديان وجرح مشاعر معتنقيها تدخل في باب حرية التعبير ، وماهو الفن أو الفكر أو الثقافة التي يريد مواطن فرنسي أو دنماركي أن يوصلها الى المجتمع عبر رسمه صورة كاركتيرية فاضحة لنبي من الانبياء يبلغ عدد المنتمين الى ديانته ١.٥ مليار نسمة في العالم ؟ وهل يعد هذا الا إصراراً على الاستفزاز والكراهية ؟ لا تصان حرية التعبير بهذه الطريقة ولا تستقر المجتمعات بالسماح لهذا النوع من السلوك ، ولتعد فرنسا وكل الغرب الى تاريخها ولتنظر ماذا جرّت عليها حرب الثلاثين عام وحرب المائة عام من ويلات وكانت كلها حروب دينية . هذا النوع من الاساءات يجعل معتنقو الاديان يندكون أكثر بأديانهم ويزيد من تحمسهم لها  ويلهب مشاعرهم ويغذي فيهم روح التطرف وينمي العنصرية والمذهبية والخاسر هو التعايش السلمي وحرية التعبير نفسها .

رسول الله صلى الله عليه واله أكبر وأعظم وانبل وأشرف من أن تمسه أو تضره ريشة انسان منحط متسافل ، من يخسر هو قيم الغرب التي ناضل من أجلها قرون ، قيم الحرية واحترام الآخر والتعايش السلمي . ومن يدري فلرب ضارة نافعة فعسى أن تكون هذه الاستفزازات حافزاً لأن يعود المسلمون إلى ذواتهم ليسدوا الذرائع ويصححوا أوضاعهم ليرتقوا من جديد سلم المجد والحضارة وماذلك على الله بعزيز .


ــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك