محمد كاظم خضير*||
اليوم تُتم «تظاهرات تشرين» عامها الاول. قد يحتج البعض على استخدام مصطلح تظاهرات بدلا من مصطلح «انتفاضة» و «ثورة»، الا ان الدقة في توصيف الحالة تحيلنا الى المصطلح الاول نتيجة تشتت القوى المنتفضة واختلاف اجنداتها ما أدى الى تضعضعها وفشلها بالانتقال من حالة الانتفاض الى حالة الثورة.
في مثل هذا اليوم منذ عام على التمام، خرج عشرات الآلاف اعتراضا على الاوضاع المعيشية والاقتصادية كما السياسية واحتجاجا بشكل اساسي على الفساد المستشري والمحاصصة المفضوحة بين القوى السياسية. عناوين مغرية دفعت حتى المترددين بطبعهم الى الشوارع، ، كما دفعت قسما كبيرا من العراقيين الذين قاطعوا انتخابات 2018 وبلغت نسبتهم وقتذاك 70%. المشهد في ساحات وسط بغداد كما في مختلف الساحات في المناطق العراقية كافة في 25 تشرين الاول 2019 كان مفاجئا ومؤثرا. كانت الطبقة السياسية تعول دائما على تحكمها بالناس باثارة الغرائز المذهبية والطائفية وبمحاولة اقناعهم يوميا ان الآخر يسعى للانقضاض على حقوقك ويهدد وجودك. نفعت هذه السياسة طويلا، حتى انها بالغت بنجاحها. فاستُخدم الآلاف مثلا في الناصرية وقودا في معارك مذهبية استمرت أعواما. .
ولم يتأخر صبيان السفارات الذين دخلوا في حالة صدمة استمرت أياما وربما اسابيع معدودة حتى استوعبوا ما حصل. وضعوا خطة محكمة خرقوا بموجبها صفوف «المتظاهرين » فشتتوهم، عبثوا بأجنداتهم، حتى افشلوا «التظاهرات » التي ظلت تناضل للبقاء أشهرا قبل ان تلفظ انفاسها الأخيرة وتعلن الاستسلام.
وحتى بعدما تضاعفت العوامل التي ادت الى خروج الناس الى الشوارع، ، لم يتمكن القيمون على التظاهرات من بث الروح فيها من جديد. لا وصول سعر صرف الدولار الواحد الى عتبة الـ 130 استفز الناس، لا انقطاع الادوية، ولا حتى تاخر انطلاق الرواتب ما سيؤدي حتما الى عوز وتجويع العراقيين ، حرك ساكنا فيهم. فالاستسلام هو سيد الموقف والكل يبحث عن مخرج من البلد ويتوق للفرار من «جهنم».
ويمكن الحديث عن 5أسباب رئيسية أفشلت التظاهرات . السبب الاول عدم تمكنها من انتاج قيادات تقود الناس، معتقدة انها وبترك الكلمة للمنتفضين في الشارع تحقق هدفها، فكانت النتيجة عكسية، اذ نصب عدد من الاشخاص انفسهم قياديين لـ «التظاهرات » من دون امتلاكهم حداً ادنى من المؤهلات ما وجه ضربة شبه قاضية للتظاهرات .
أما السبب الثاني، فنجاح جهات حزبية في خرق صفوف المنتفضين، ما سيّس التظاهرات وأسقط شعار نريد الوطن وهو العنصر الاهم الذي ميّز انطلاقة التظاهرات وأعطاها الزخم المطلوب.
اما السبب الثالث، فهو تشتت الرؤى والاهداف وأجندات المجموعات التي لم تتمكن من التوحد ولا بحد ادنى توحيد رؤاها، فكان الصراع في ما بينها الذي أطاح التظاهرات .
أما السبب الرابع، هو قيام المتظاهرين بحرق مقرارات الحشد الشعبي
أما السبب الخامس، قيام المتظاهرين بقتل وسام العيلاوي وقتل هيثم البطاط في ساحة الوثبة
ورغم انكباب المجموعات طوال اشهر بمحاولة تجاوز خلافاتها، الا انها لم تنجح في ذلك، حتى ولو كانت في الذكرى السنوية الاولى ستحاول مفاجأة الرأي العام بخطوات غير محسوبة بمسعى لاحياء امجاد 25 تشرين الاول الماضي.
ويسأل العراقييَون اليوم السؤال وهو «الى اين؟» تتجه البلاد.
*كاتب ومحلل سياسي
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha