قاسم العجرش||
منذ انطلاق البعثة النبوية؛ مضى من عمر الإسلام 1455 سنة، وستبقى هذه البعثة الشريفة التي بزغت أنوارها على يد سيد الخلق أجمعين؛ إلى يومٍ يظهر فيه من يملأها قسطا وعدلا بعد أن مُلئت ظلما وجورا، وخلال هذا العمر المديد “توزعت” الأمة إلى نحل وملل، وفرق ومذاهب، بعضها بقي حيا فاعلا نشطا، وبعضها الآخر طواه الزمن ولم يستطع العيش، لانتفاء الموضوع في أغلب الأحيان..
قلنا إن الأمة “توزعت” ولم نقل “تفرقت”، فالإسلام جوهر واحد ولكنه ليس موحدا، وهذا أمر طبيعي جدا، لاختلاف ثقافات الشعوب وبيئاتها وألسنها وجغرافيتها، التي انتمت إلى أمة شكلتها العقيدة، ومن البديهي أن ينعكس أثر الاختلافات تلك على تفرعات العقيدة، وليس على جوهرها.
في الاختلافات تنتعش جميع فنون النقاش، ومن بين أكثر تلك الفنون؛ تعد فعاليات التشويش والإرباك والزعزعة، أكثر الوسائل انتشارا وتأثيرا، وفي ذاكرتنا نهج معاوية وابن العاص؛ أثناء خلافة الأمام علي “ع”، فقد اعتمد الثعلبان التضليل والكذب لتحقيق هدفهما باستلام السلطة، في وقت كان يعمل فيه عليٌّ”ع”على بناء أمة، وشتان ما بين المطلبين..هذا يريد بناء أمة وأولئك يسعيان إلى السلطة..
ارتكزت حملة معاوية وابن العاص؛ على القيام بحملة تشويهية لعلي”ع”، اعتمدت الكذب المفضوح كأكذوبة ” علي بن ابي طالب لا يصلي!”..وتمادى الرجلان في حملتهما، إلى حد أن أصحابهما لم يسايروهما طويلا، خشية أن تأتي الحملة بنتائج عكسية.
كان معاوية وابن العاص؛ يريان أن استمرارهما بسوق وتسويق أكاذيبهما، سيحقق نتيجة حاسمة حتى لو كُشِفَت تلك الأكاذيب، فقد كانا يريان أنه ليس مهما أن يقتنع الناس، بحكاية أن عليا لا يصلي، ولكن الأهم لديهما أن ينشغل أتباع علي، بدفع التهمة عنه وعن أنفسهم، وبالحديث عن فضائله..!
راهنا، بات من الواضح أن بناء شرق أوسط كبير تتزعمه إسرائيل، وينخرط فيه الأعراب المتخمون بالمال السهل الوفير، والذين يخافون عليه كخوفهم على أنفسهم؛ وعلى عروشهم المضمخة بروائح البترول؛ الممزوجة بدماء الشعوب التي نكبوها بفكرهم التكفيري، يستلزم أولا أن يتم اِتّهام الشيعة؛ المعارضين لهذا المشروع الخبيث الخطير، بأنهم تكفيريون لعموم المسلمين.
ثانيا؛ ريثما تستقر هذه التهمة في العقول ولو جزئيا، سيضطر الشيعة إلى الانشغال بدفع هذه التهمة عن أنفسهم، وبالحديث عن مناقبهم واعتدالهم وثوابتهم، بدلا من الحديث عن خطورة المشروع الصهيو أمريكي أعرابي، أو الترويج لمواقفهم التي لا تتهاون ولا تساوم على الموقف من إسرائيل..
الضجة التي أثارها حديث السيد كمال الحيدري، حول ما يُدعى من بهتان؛ يتمثل بتـكفير المسلمين المخالفين لمدرسة الإمامية، لا يمكن النظر إليها خارج هذا السياق، مع أن الواقع ينفي وينسف هذا الافتراء جملة وتفصيلا، ولسنا بحاجة إلى سوق الأدلة النقلية والعقلية في هذا الصدد، بل يكفينا في عصرنا الراهن، حديث “أنفسنا” عن إخواننا السنة للسيد السيستاني، الذي دفعنا من أجله بحورا من الدماء..
اللقاء المتلفز مع السيد الحيدري، عمل كبير جرى له إعداد إعلامي محكم، في غرف سياسية تعمل في إطار المشروع الصهيو أمريكي أعرابي، والهدف هو التشيع المعادي لهذا المشروع، من خلال استدراج السيد الحيدري واستغلال نقاط ضعفه، واستغفاله واستنطاقه بما يريدون.
كلام قبل السلام: أحاديث الحيدري منتشرة على اليوتيوب وليست جديدة, ولكن حين ينشر الحديث في برنامج على قناة العراقية الرسمية، فإن المقصد واضح تماما، وهو أن يتساوى الشيعة المقاومون للمشروع الصهيو أمريكي أعرابي مع الوهابية التكفيرية..وتلك هي الحكاية..!
سلام.
https://telegram.me/buratha