المقالات

ألواح طينية؛ كيف حصد التشرينيون الكراهية؟!

1878 2020-10-18

 

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com||

 

في أواسط تموز الماضي كتبت مقالا، كان عنوانه "حديث عن الكلاب الإعلامية السائبة..!" وتم نشره وإعادة نشره على نطاق واسع..تناولت في هذا المقال؛ الإنفلات العجيب واللامعهود الذي يعانيه واقعنا الإعلامي، حيث السلوك العواهني، لكتاب وصحفيين ومعدي ومقدمي برامج تلفزيونية، لا يلتزمون بالحد الأدنى من أخلاقيات المهنة، وحيث ترك الحبل على الغارب، سواء على الورق أو في الصحافة الأليكترونية، او في المقابلات التلفزيونية والإذاعية،  حيث تنفلت الحروف والكلمات، تخرج كأنما فتحت أغطية بالوعات المياه الثقيلة..

المصاديق لهذا الواقع الإعلامي المزري، أكثر من أن تعد وتحصى، وفي ذلك المقال طالبنا ان تكون هنالك وقفة مسؤولة من السلطات، والسلطات التي نعنيها هي مجلس النواب، ومجلس القصاء الأعلى، والأدعاء العام، ونقابة الصحفيين، التي يتعين عليها إعداد مدونة سلوك إعلامي، تدعم بتشريع نيابي ملزم، وعلى جميع العاملين في الوسط الصحفي والإعلامي، أن يلتزموا بها، سواء كانوا منتمين للنقابة ام غير منتمين، لأن الوضع بات خطير وخطير جدا، وهو يهدد اليوم الأمن المجتمعي..

ثمة موضوع يرتبط بهذا الأمر بشكل وثيق، وهو التنمر الإعلامي..

الحقيقة هي أنه ليس في صفحات الرأي؛ والمقالات التي ينشرها الكتاب والإعلاميين، أقوال يمكن وصفها بأنها صحيحة أو خاطئة بشكل قاطع، بيد أنها يمكن ان تكون وجهات نظر قوية، بمعنى أن من حق الكاتب أن يقول رأيه، الذي يحتمل الصواب والخطأ، ويدافع عنه دون إقسار الآخرين على إعتناق ما يكتب او يقول، وبالمقابل أن لا يتعرض الكاتب إلى القمع والتنمر، لأنه خالف رأيًا آخرَ، أو أغضب فئة تخالفه الرأي.

في وسطنا الإعلامي؛ يتزايد أعداد مَن يؤمنون بالنظرية التي تقول: “إن لم تكن معي فأنت ضدي”، ولا يكتفي هؤلاء بأحادية الرأي، بل ويحشدون أنصارهم في خندقهم؛ لشن هجوم مكثف على صاحب الرأي المخالف ليكون عبرة لغيره، فلا يجرؤ أحد على مخالفتهم الرأي، وهنا تنشأ حالة أخطر، حيث يتردد الكثيرون عن إبداء الرأي المخالف، فنحرم من تنوع الآراء خوفًا من التنمُّر الإعلامي.

المتنمِّرون يعتقدون أنهم ينتصرون؛ حين يتمكّنون من خنق الرأي الآخر وتخويف صاحبه، لكنهم في الواقع يحرمون الوسط الإعلامي من ظاهرة صحية، تتمثل في تعدُّد الآراء والأفكار، التي تؤدي إلى التطور والنمو الإيجابي، فحين يخشى صاحب الرأي السديد إبداء رأيه، لأن هناك حملةً سيشنها المتنمرون عليه، لن يسمع صانع القرار ذلك الرأي، ولن يتم الإثراء الذي ينتج عن الحوار الموضوعي الهادف، الذي يقبل جميع الآراء، ويسمح للآخرين بالمشاركة دون إتهام وتخويف أو تخوين، أو غيرها من وسائل القمع، التي يحرم الإعلام من أهم مقوماته.

تزداد غرائب الحالة العدائية السافرة في الإعلام العراقي، ويتعاظم اعتماده على التنمر، الذي يتم تحت شعارات زائفة، تستند إلى حرية الإعلام، لكن المتابع الفطن يلاحظ بسهولة؛ ما يتعرض له بعض الكتاب؛ حينما يدلون برأي مخالف لما يناسب ذائقة بعضهم الآخر، حيث يشرع هذا "الآخر"، بالسعار والتنمر الذي أصبح سلوكاً يومياً مكشوفاً وموثقاً.

ثمة قوى سياسية قامت بتحويل إعلامها وقنواتها وجيوشها الأليكترونية، إلى أدوات للتنمر واستهداف واستعداء أطراف وتيارات ومنظمات منافسة، وعندما نتأمل في حملات التشويه الإعلامي التي تقوم بها تلك القوى، من خلال إسغلالها البشع للإحاجاجات والتظاهرات التي يشهدها العراق، نجد أنها أصبحت عملاً منظماً ونهجاً عدائياً مدروساً، يهدف إلى إثارة الفوضى وتخريب السلم الاجتماعي، وبث سموم الحقد والكراهية والتحريض المقيت، وتقديم خدمة إعلامية موازية لذيول التطرف والإرهاب.

كلام قبل السلام: كان متعينا أن يعمل التشرينيين؛ على حشد التأييد لمطالبهم بعرضها عرضا مقنعا يستجلب التأييد، لكنهم وبتأثير القوى التي اشرنا اليها، والتي تسللت بينهم، سلكوا مسلكا مغايرا تماما؛ وهو العمل تسقيط جميع القوى السياسية العراقية، ونزع شرعية حقها الدستوري بالممارسة السياسية بسبب وبدونه، فكانت النتيجة ان حصدوا كراهية لم يكونوا بحاجة اليها..!

سلام..

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك