محمد كاظم خضير ||
الجريمة مجزرة بلد والمراة التي رمت طفليها بين قبح الفعل وتأثير الصورة
تؤدي الصورة خدمة جليلة في إذكاء المشاعر عند العامة، وقد صنعت حسنا عندما وثقت أحداثا وجرائم، ما كان لها أن ترى النور، ولا التفاعل الشعبي معها لو قدّر لها التواري، على أنها لا يجب بحال أن تصبح أكثر أهمية من الجريمة ذاتها.
جريمة بغداد قيام مرأة برمي طفليها في حتى الموت التي وثقتها الكاميرا، مثال مهم على ما تصنعه الصورة من تأثير في المشاعر الإنسانية والضمائر الحية، بعكس ما لو أن الجريمة جرت دون توثيقها بالصورة، إذ إن الجريمة حينذاك ستكسب بعض التعاطف والتفاعل الشعبي، ثم ستختفي مع مرور الوقت.
هناك جرائم كثيرة، تفوق في بشاعتها ووحشيتها خطف وقتل 12شخص من بلد رحمهم الله، لكن الفارق أنها تتم دونما تصوير،.
امس، تداولت المواقع الالكترونية، خبر خطف وقتل 12 شخص من بلد ، لكن التفاعل الشعبي مع هاتين الجريمة بدا باهتا، لأن المشاعر لم تعد تتفاعل مع الجريمة كقصة سردية مهما بلغت بشاعتها، وإنما تتفاعل مع الجريمة كصورة، وجميعنا يعلم ما للصورة من تأثير عال يفوق تأثير الكلمات بمراحل.
هل أضحت الصورة ضرورية للتفاعل الشعبي مع الجريمة والمطالبة بإنصاف الضحية؟ إن الواقع المعاش يعطي الأولوية للصورة لا للجريمة كفعل خبيث يتنافى مع الفطرة البشرية، ولكن ليست كل الجرائم قابلة للتصوير لأنها تتم في أماكن بعيدة عن أعين الكاميرا وهي جرائم كثيرة، وليست كل الجرائم قابلة للنشر والتداول لم يحويه بعضها من مساس بكرامة الضحايا كالاغتصاب مثلا.
صحيح إن الصورة تؤدي دورا مهما في حشد طاقات الناس، لكنها في المقابل تأخذ منهم في كل مرة، ومع تكرار صور الجرائم سيصل الناس في استهلاك مشاعرهم إلى مرحلة منح تعاطفهم للصورة الأكثر مأساوية، وهكذا دواليك لا تنتهي، الثابت الوحيد فيها انحدار المشاعر الإنسانية وتحولها إلى كتلة صلبة لا حياة فيها.
إن الجريمة يجب أن تبقى هي الجريمة في قيمتها في ميزان الله، سواء تم تصويرها أو لم يتم، وإذا كانت الصورة لجريمة ما تستجيش المشاعر الغاضبة وتدفع بتعجيل إنصاف الضحية، فهذا يجب ألا يكون سببا في عدم التفاعل مع نفس الجريمة عندما لا تكون مرفقة بالصورة.
ــــــ
https://telegram.me/buratha