محمد كاظم خضير*||
عندما فشلتْ الحربُ العسكرية بالتغلب على قوة فصائل المقاومة الاسلامية في كبح جماح صواريخ المقاومة التي استهدفةت سفارة الأمريكية في العراق ، كان لا بدّ لامريكا من إتباع حرب مختلفة جديدة – قديمة في التي فنّ الحروب ولكنها غير ظاهرة للعلن. وهي تتكوّن من مجموعة حروب بما في ذلك إستخدام القدرات التقليدية والتكتيكات والتشكيلات غير النظامية و والايهام بفرض العقوبات الأميركية على العراق وحرب المنصات الإلكترونية والحروب الإعلامية والبروباغندا والأخبار الكاذبة وتغذية الانقسامات وسياسة الحصار وإشغال العدو من الداخل لاضعافه قبل الإنقضاض عليه.
إنها حرب الجيل الخامس، إنها الحرب الهجينة على “الحشد الشعبي ”. نشرت بعض القنوات المحسوبيين على سفاره الشر رسالةً مفادها أن غلق موقع السفاره الأمريكية في بغداد ستتدفع أمريكا إلى ضرْب أهداف ومراكز لـ “الحشد الشعبي ” في مناطق مختلفة من العراق .. وكان ردّ حاسم من قادة المقاومة بأن قصف اي أهداف في العراق سيتم الرد الفوري عليه.
وبالتالي سقطتْ نظرية أن العراق قوي بضعفه لأن سياسة وقوة الردع وتَوازُنه أجبرت أمريكا على الانسحاب و التراجع عن إستخدام القوة العسكرية ولكنها لم تتخلّ عن مشروع إضعاف “الحشد الشعبي ” أو إنزال الهزيمة به. وهذا ما دفع هذا أمريكا للتحوّل الى “الحرب الناعمة” أو الحرب الهجينة إلى حين تتهيأ الفرصة لتوجيه الضربة العسكرية إلى الحشد الشعبي لإنهائه، إذا توافرت وإذا إنتصرت هذه الحرب التقليدية – غير الكلاسيكية وفشل “حشد الله ” في مجابهتها.فإذا تناولنا سيناريو الأحداث العراقية منذ 2014، عام الحرب على داعش من أجل أضعف القوة الشيعيه ، نرى أن حرب الإستخبارات والحرب الكلاسيكية قد فشلت كلياً، لأن أمريكا لم تحقق أهدافها وفشلت مخابراتها في كشف قدرات المقاومة الصاروخية . إلا أن الحرب الإلكترونية لم تتوقف بتدابير وتدابير مضادة.ولهذا أخذت الحرب الهجينة منحى آخر أكثر فعالية لضرب الحشد الشعبي .
هل فعلاً خسر ترامب الجولتين ضد “الحشد الشعبي ” أم العكس لربما واحد أو اثنين أو عدد قليل جداً.
وتالياً فإن ترامب ربح الحرب التضليلية وساعدَه اللوبي الأمريكي القوي في الإعلام العراقي لنشْر صوره الملوّنة وإخراجه الفولكلوري والتغاضي عن وجهة نظر الحشد الشعبي . ومن غير المستبعد أن ترامب من خلال قرار غلق السفارة الشر هدف في حربه الإعلامية لتقليب الرأي العام المحلي ضدّ الحشد الشعبي ..
وفي داخل العراق هناك قول معروف: “لنا قوم لو أسقيناهم العسل المصفى ما إزدادوا فينا إلا بغضاً ولنا قوم لو قطعناهم إرباً ما إزدادوا فينا إلا حباً”.إذاً فإن المجتمع العراقي منقسم على نفسه، ومَن يدعم الحشد الشعبي عقائدياً يبقى على موقفه ولا يتزحزح أبداً.
أما مَن يؤيّد قادة الشيعية ظَرْفياً فقد إنقلب بعض هؤلاء كما هو ظاهر على مواقع التواصل الإجتماعي ليأخذوا وبالأخص في الساساه السنه منحى بدأ بإنتقاد “الساساه الشيعية ” لأسباب عدة أهمها محاولة التقرب لامريكا ، من دون الالتفات إلى الصورة الأكبر التي تحاك ضد العراق والحشد الشعبي وبيئته الحاضنة وحلفائه.وتشترك أميركا بالعقوبات على “شخصيات مقاومة ” وحلفائه في العراق ليكون لها دور فعال في الحرب الهجينة المتعددة الأوجه ليقع العراق فريسة أفعال ساسته على مدى عقود. فقد كانت واشنطن راضية عن ممارسات السياسيين العراقيين لسنوات طويلة.
ولكن بعدما كبرت الحشد الشعبي قوة تعاظَمَتْ قوّتُه العسكرية وخبرتُهم القتالية في حرب ضد داعش وحيازته على صواريخ الدقيقة، حان الوقت لتغيّر الولايات المتحدة المقاربة ولو وصولاً إلى حصار العراقيين ليدفعوا ثمناً أكبر بكثير من الحرب داعش الإرهابية التي لم تنجح بقلْب النظام الحكم ولا بهزيمة الوجود الشيعية وجهاً لوجه.ولم ولن تتخلى أبداً أميركا عن هدف هزيمة “الحشد الشعبي ” لأن من غير المقبول أن يصبح تنظيماً أقوى من جيوش عدة في الشرق الأوسط.
*كاتب ومحلل سياسي
https://telegram.me/buratha