عمار محمد طيب العراقي||
هنالك سؤال مهم يطرق ابواب عقولنا، بعدما كثرت دعوات الإصلاح السياسي، حتى من أطراف متهمة بالتخريب السياسي، بحيث تدنت قيم مفردة الإصلاح السياسي، حتى باتت بلا قيمة حقيقية..!
سؤال مثل: هل يمكن أن نقوم باصلاح سياسي، في أحضان البيئة السياسية القائمة الان في العراق؟ يمثل جوهر التفكير الجمعي العراقي، ولأننا يأسنا من إتفاق حقيقي بين الكتل السياسية، ولأننا نعتقد أنه يجب إخراج مصيرنا، من بين أيادي لم تستطع أن تتصافح على الخير.
الحقيقة أننا كشعب، يجب أن نعمل وبقوة، على أن نخرج موضوع الإصلاح السياسي، من بين إيادي التخريب السياسي، وكمقدمة لهذا العمل الوطني الملح، لابد أن نشخص القوى السياسية المخربة للعمل السياسي، وقبلها يجب ان نغوص في مفهوم التخريب السياسي..
فليس كل ما لا يتوافق مع رؤية فئة سياسية أو مجتمعية يمكن عده تخريبا سياسيا، فإختلاف الرأي بين الفرقاء السياسيين ليس تخريبا سياسيا، إذا كان لا ينعكس سلبا الى الشارع، أو يتسبب بضرر على المواطنين..الإختلاف السياسي يبقى مقبولا إذا كان لا يتعدى هذه الضابطة، لكن وبمجرد وقوع الضرر العام، أو حصول توترات في الشارع، فإن ضبط الإختلاف السياسي يصبح ضرورة ملحة..
أحد أهم وسائل ضبط الصراعات السياسية التي تلجأ اليها المجتمعات، هو عقد مؤتمر وطني موسع يبحث فيه كل شيء، ولا يترك أي شيء خلف الظهور.
المؤتمرات الوطنية واحدة من انجع الوسائل وأكثرها رقيا، ولكي يتم إنضاج فكرة المؤتمر الوطني للإصلاح السياسي، ندعو كافة أصحاب الرأي وكل الحريصين على أن تمضي سفينة الديمقراطية في العراق نحو شواطيء الطموح، مبحرة في مياه غير مضطربة، الى أن يقدموا أفكارا محددة في هذا المجال أذا وجدوا أن الفكرة صائبة أساسا.
على هذا الطريق، كنت قد قمت بعملية جس نبض لعدد من الفعاليات السياسية والنخب الأعلامية، ووجدت تفهما للفكرة، بل أن بعضهم تحمس لها وطرح آليات وأفكار معقولة وبعضها كبير.
أنا أعرف أن الفكرة سوف لن تروق لكثيرين، خشية من أن يتحول المؤتمر الوطني؛ الى مرجعية شعبية ضاغطة؛ على القوى السياسية وعلى المؤسسات التمثيلية، والمفارقة أن هذا هو بالضبط؛ ما نأمله من فكرة عقد مؤتمر وطني للإصلاح السياسي.
في محور الآليات أجد من المناسب أن يكون وقت إنعقاد المؤتمر في العطلة البرلمانية حتى لا يتقاطع مع مواعيد الساسة، وحتى لا يتذرعون بإنشغالهم بالمهام التشريعية، هذا من ناحية التوقيت، أما من ناحية الوقت الذي سيستغرقه المؤتمر فالذي أعتقده أن حجم المشكلات الكبير التي نواجهها، لا يمكن حسمه بعدة أيام، والذي أراه مناسبا هو أن يوزع المؤتمر الى ورش عمل متعددة، كل ورشة تتناول محورا من محاور الأصلاح السياسي، وتصب كل الآراء في النهاية لدى لجنة لتجميع الآراء وصياغتها.
إن فكرة المؤتمر الوطني للإصلاح السياسي، لا تؤسس لمؤسسة بديلة عن المؤسسات الديمقراطية الشرعية، ولكنها تنشيء فضاءا دافئا؛ يحتضن كل الفعاليات التي لم تجد نفسها في المؤسسات الديمقراطية الشرعية، وتقوم بمهمة تصحيح المسارات لتلك المؤسسات، فالمؤسسات التمثيلية ليست بمنجى عن الأخطاء أن لم تكن بؤرتها، فأمراض السلطة تتبدى أكثر وضوحا ومضاءا وتأثيرا في تلك المؤسسات، وهي بحاجة دوما الى من يضع عينه عليها.
ليس أدعى من مؤسسة تطوعية لا تكلف المال العام شيئا، لمراقبة الأداء البرلماني والحكومي والرئاسي ناهيك عن الحزبي والسياسي، والأعتقاد السائد لدى القادة السياسيين بأنهم فوق المسائلة أو أن لهم عصمة نهائية، إعتقاد خاطيء ويؤسس لدكتاتورية النخبة السياسية مع ما يرافق هذه الدكتاتورية من تداعيات.
إن الفكرة التي نطرحها هنا، هي بالحقيقة إستجابة واقعية لضغوط داخلية شعبية، وأخرى من مختلف القوى الوطنية والحزبية والسياسية التي تطالب بإعادة النظر في شكل النظام السياسي للدولة.
إن المهمة الأساسية التي نعتقد أن يتبناها المؤتمر الوطني للإصلاح السياسي، هي البحث عن أكثر الأنظمة مناسبة لطبيعة دولة مثل العراق، تزخر بالعديد من التناقضات والتباينات، لا سيما وسط متغيرات داخلية وإقليمية ودولية ضاغطة بإستمرار.
يتعين أن يكون من بين الموضوعات المطروحة للمناقشة قضايا تتعلق بدستور العراق الفدرالي، وقضية البحث عن المزيد من فصل السلطات؛ بين السلطات التشريعية والتنفيذية، وفكرة إدارة الأقاليم للموارد العامة الموجودة على أراضيها، وقضايا الفساد، وعدم ترك ذلك لإجتهادات شخصية تخضع لإشتراطات القوى المشاركة بالعملية السياسية.
شكرا
14/10/2020
https://telegram.me/buratha