المقالات

عن رفض الاحتلال والاجماع الوطني


 

د.حيدر البرزنجي||

 

- اذا كانت مناهضة الفساد لم تتطلب اجماعاً وطنياً ، فكيف يتطلب رفض الاحتلال ذلك الإجماع ؟؟

- هل عرفت الشعوب في كل تجاربها ، اجماعاً ؟؟؟

شهد تاريخ الأمم والشعوب ، الكثير من الحالات التي تعرضت بها تلك الشعوب الى احتلال اجنبي الغى سيادتها على ارضها واستغل ثرواتها وقتل ابناءها .

لكن كل الشعوب التي تعرضت للاحتلال،  رفضته وقاومته بشتى الطرق والأساليب ، واستخدمت في ذلك ما يتوفر لها ، لكن لم تشترط مقاومة الإحتلال اجماعاً وطنياً  فرغم ان رفض الاحتلال يفترض ان تكون شاملة  أو تجتذب الجزء الأكبر من المواطنين ، الا ان تجارب الشعوب لم تشر يوماً الى حصول اجماعا على مقاومة الاحتلال .

كل احتلال يعمل من جهته على اكتساب او تجنيد أناس من داخل االبلد المحتل ، للارتباط معه ، وبالتالي جعل الاحتلال مصدرا لتحقيق المصالح الخاصة لأطراف سياسية او جماعات عرقية أو افرادا...الخ .

وفي شواهد التاريخ يمكن ايراد مايلي :

1- التجربة الفيتنامية : فقد كانت هناك أكثر من نصف فيتنامي يتعاونون مع الاحتلال الاميركي فيما سمي فيتنام الجنوبية وعاصمتها سايغون , وكان ذلك الجزء يشن حملات اعلامة وسياسية وعسكرية بالتعاون مع الاحتلال ضد ثوار الفيتكونغ ، الذين رفضوا الاحتلال لبلادهم ولم ينتظروا اجماعاً وطنياً كي يقاوموا الاحتلال.

2-  التجربة الفرنسية : حينما احتل الأ لمان فرنسا وجدوا من يتعاون معهم ويعتبر ان مقاومتهم تفريط بسلامة الوطن، لذا  شكل الألمان حكومة (فيشي) برئاسة مارشال فرنسا بيتان ، لكن المقاومة الفرنسية لم تنتظر اجماعاً وطنياً كي تقاوم الاحتلال  .

3- في لبنان احتلت اسرائيل اجزاءً من ارضه في الجنوب واقامت فيها دولة تابعة لها بقيادة ضابط في الجيش اللبناني (انطوان لحد)وقبله كانت بقيادة الرائد سعد حداد ، كما وجد الاحتلال الاسرائيلي من يؤيده حتى داخل لبنان من احزاب وفئات , لكن حزب الله اللبناني شن حركة مقاومة تمكن فيها من طرد الاحتلال وتوحيد ارضه دون ان ينتظر اجماعاً وطنياً ، بل شهد من يهاجمه ويتهمه ويتآمر عليه مع الاحتلال .

4- في العراق احتلت داعش اجزاء كبيرة من ارضه ووجدت من يتعاون معها ويراهن عليها لكن حين تصدى لها الحشد واوقفها بقتال ضار لم ينتظر حتى يتحقق الاجماع الوطني .

هذه نماذج من تجارب كثيرة عرفتها الشعوب في مواجهة الاحتلال ، لكنها المرة الاولى ربما التي يطالب فيها من يرفض الاحتلال ، الحصول على اجماع وطني اولاً.

انطلاقا من السؤال هل الوجود العسكري في العراق هو احتلال ام لا ؟

طبقا للقوانين الدولية ، فأنه احتلال بالمعنى القانوني والسياسي والفعلي للاحتلال ، فليس هناك من مادة قانونية واحدة تشرعن وجود قواعد عسكرية في العراق ولا لسفارة تتحول الى ثكنة عسكرية تجري مناورات داخل العاصمة ، كذلك ليس هناك قانون يمنح أمريكا الأذن بأن تستبيح الاجواء العراقية وتقتل ابناء البلد .

أمام كل تلك الوقائع ، يصبح رفض الاحتلال العسكري الاميركي معياراً وطنيا ، قد يختلف العراقيون في الأسلوب الأنجع للتخلص من الاحتلال،  فربما رأى بعضهم ان أسلوب التظاهر أو العمل السياسي او الديبلوماسي كفيل بذلك , لذا سارعت الفصائل الرافضة للاحتلال ،  الى اعلان هدنة لفسح المجال أمام من يريد انتهاج أساليب أخرى كما في خطابه ، لكن ذلك لايعني باي حال تحويل من يرفض الإحتلال الى مُتهّم .

القانون الدولي وضع المحتل والمدنيين الذين يأتون مع المحتل بالعمل في خدمته ، والاشخاص المحليين ، الذين يساعدون الاحتلال على تثبيت وجوده بما فيها التعاون معه ضد المقاومين ، لوجوده فهذه الجهات الثلاث بنظر القانون الدولي هي في خانة واحدة .

لقد خرجت تظاهرات رافقتها الكثير من المسلكيات التي تركت سلبياتها على فئات من الناس ، فقد أصرّ البعض على تسميتها بالثورة ، رغم ما ارتكب فيها من عنف ،   لكن قامت بها فئة من المجتمع لم ترتفع اصوات بالمطالبة بحصولها على اجماع وطني *  , فاذا كانت مناهضة الفساد لم تتطلب اجماعا وطنيا وايضا ظهر فيها الكثير من الظواهر المنفلتة وغير المنضبطة والعناصر الاجرامية , فكيف يطلب ممن يرفض الاحتلال ان يحصل على اجماع وطني اولا .؟؟ 

*المثير للاستغراب  ، ان من كانوا يبررون لل(ثورة)) انها طليعة ثورية عليها القيام بتثوير الجماهير دون انتظار اجماعهم ، هم ذاتهم من يرفعون اليوم عقيرتهم بإدانة الفصائل الرافضة للاحتلال ، لانها منفلتة ولم تحصل على اجماع وطني؟؟ عود ليش ؟؟؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك