د.حسين القاصد||
العراق هو البلد الوحيد الذي ينشغل فيه الشعب بحكومته، بدلا من أن تنشغل حكومته بالشعب.
هذا هو حال العراقيين منذ أكثر من ستين عاما، عيونهم وآذانهم وكل حواسهم مشدودة إلى شاشة التلفزيون؛ ففي ايام النظام الساقط يخيم التشاؤم والرعب لمجرد ظهور تنويه تلفزيوني يقول ( بعد قليل... نسترعي الانتباه) أو الصاعقة الكبرى التي تلي التنويه المرعب ( جاءنا ما يلي)؛ وقد سقط النظام الساقط وصرنا بلد المليون صحيفة قبل أن نتحول إلى بلد المليون قناة فضائية و قبل أن يظهر العبادي ويستعمر الفيسبوك بجيوشه الإلكترونية ثم تحولت عائدية جنوده إلى السيد الكاظمي ، وصار الإعلام يعبث بمقدرات الشعب؛ وصارت التصريحات تظهر وتأخذ صداها وتحقق غاياتها ثم يتم نفيها على لسان مصدر مسؤول رفض الكشف عن اسمه!، عجبا هل يخجل من اسمه؟ ليس من المعقول أن يخاف لأنه مسؤول؛ وسكتنا وصرنا نتقبل رفضه الكشف عن اسمه.
مع كل الكوارث التي مر بها العراق لم يحجب راتب الموظفين لشهرين متتاليين بسبب خلاف الحكومة وطمعها بقروض جديدة تنهي حاضر العراق ومستقبله - إن وجد - لكن الغريب أن يظهر رئيس الحكومة في لقاء تلفزيوني! عجبا، هل تحول إلى شاعر أو فنان أو محلل سياسي؟ لماذا لا يعقد مؤتمرا صحفيا وتأتيه وسائل الإعلام صاغرة طامعة بالجديد؟ لماذا الإصرار على الظهور في لقاء مسجل، فيه من المطبات الكارثية ما لاتليق بالعراق وسمعته بأن يكون رئيسه بهذا الارتباك والتلعثم.
لقد ورط مستشارو السيد رئيس الوزراء رئيسهم بلقاء تلفزيوني هو في غنى عنه؛ فالرجل لم يخرج من كارثة اتصاله بأخيه عماد لحد الآن، كما أنه لم يخرج كارثة استحضار نبوخذ نصر في صدر الإسلام، فلماذا هذا التوريط له؟.
الغريب أن السيد رئيس الوزراء حين سأله مقدم البرنامج عن رواتب الناس وماذا يقول لهم؛ أجاب ( اقول للناس هناك من خدعكم فلا توجد دولة فيها أربعة ملايين موظف) وللأمانة قال ( أربع) ولم يقل ( أربعة)؛ مع ذلك انتظرنا أن نتعرف على من خدعنا كي نطالب الحكومة بإلقاء القبض عليه، ففوجئنا بأن السيد الرئيس يحدثنا عن شيء اسمه (حيدر الجريذي) ولم يحدثنا عن حسوني الوسخ الذي تسبب بفشل ثلاثين مدرسة في الناصرية وكانت نسبة النجاح فيها ( صفرا) لا غير.
لم يخبرنا السيد الرئيس عن موعد الراتب ولا عمن خدعنا لكي نقتص منه لأنه قام بتعيننا؛ وها صرنا نستحق الراتب الثاني بعد أن صبرنا شهرين بالتمام والكمال من دون راتب.. فإلى ذلك نسترخي الانتباه.
ختاما أقول :
يا قاطع الراتبين...
وصانع الأزمتين
مولاي ( شتت) شعبا
في لحظةٍ للحسين
سنجار تسبى لماذا؟
سبيتها مرتين...
إن كنت تطلب فيساً
فخذهما ( اللايكين)
أو كنت ترغب مجداً
فحرر الراتبين
يا قاطع الراتبين
الله يكفل دَيني
لكن حكمك هذا
بعمره اللحظتين
لن تجني منه مدحا
وتحصد اللعنتين
يا قاطع الراتبين
١٢ / ١٠ / ٢٠٢٠