المقالات

السيستانية نظرية حكم وادارة للمجتمع 


  ابراهيم العبادي||

 

 رغم اعتذار رئيس تحرير صحيفة كيهان الايرانية حسين شريعتمداري للمرجع الديني السيد علي السيستاني وتراجعه عن مقاله النقدي ، عازيا تسرعه في نقد مواقف المرجع السياسية الى عدم اطلاعه الدقيق على النص الاصلي لبيان مكتب المرجع بعد لقائه ممثلة الامين العام للامم المتحدة جينين بلاسخارت ،لكن عاصفة النقد المضاد التي  عصفت بموقف شريعتمداري لم تتوقف  داخل ايران رغم انحسارها السريع في العراق ،الناقدون هذه المرة لشريعتمداري كان مجموعة من الناشطين السياسيين والمدنيين الايرانيين الذين اصدروا بيانا بعد اعتذار شريعتمداري (ذكّروا فيه )بمعالم (النظرية السيستانية )في الادارة والحكم ،والعقلانية السياسية العالية التي تجتذبهم في رؤية السيد السيستاني ،طبعا هم لم يشيروا الى نظرية ،انما انا من يتبنى فكرة وجود (نظرية سيستانية) لادارة الدولة والمجتمع ، يمكن استشفافها وتركيبها من مجموع مواقف وبيانات وافكار المرجع ،لكنها (للاسف) لم تصبح مدار شغل المهتمين من اسلاميي العراق ،وسبب ذلك ان جيلهم الغارب مات فكريا ،  وجيلهم الثالث الحالي لايتبنى الرؤية السيستانية بل يتبنى الرؤية التي عبر عنها شريعتمداري،فهم مجتمعون ومنظمون  على رؤية لاتقيم للواقع الاجتماعي والسياسي والاقليمي والدولي وزنا ، بل هم ثائرون على كل شيء ، ويتبنون التغيير الصادم وفرض منهجهم بمنطق القوة ،  بدعوى ان العدو الذي هو جزء من النظام الدولي ،الظالم والمتغطرس والمتركب لمصلحة الطغيان والرأسمالية والقوة المستكبرة في العالم لايفهم الا منطق الثأر والقوة  . شريعتمداري يدافع عن رؤية يشترك معه فيها عراقيون كثر في الوسط الشيعي ، بيد  ان هولاء وغيرهم يتحدثون  عن طاعة المرجع الاعلى والاستظلال بظله الوارف اعلاميا  والحقيقة غير ذلك ، انهم يتبنون منهجا غير منهج السيستانية ،فيما  المرجعية النجفية تتبنى منهجا يجمع غالبية العراقيين من الشيعة والسنة والكرد وباقي الاقليات على صوابيته ونجاعته في معالجة مشاكل العراق المعقدة المزمنة  ،فهي لاتتبنى منطق الصراع بل  تركز على مبدأ التعايش والمشتركات والحلول التفاوضية  ،وبدل كراهية كل المؤسسات الدولية وبضمنها الامم المتحدة ومجلس الامن الذي يكرهه شريعتمداري ،فان السيستاني يصر على الاستعانة بالمنظمة الدولية لتوفير حماية دولية للنظام السياسي والانتخابات والشرعية الدستورية العراقية ولايرى ذلك احتكاما الى الطاغوت واستبدالا لشريعة الله بالجاهلية المعاصرة كما يسميها الفكر القطبي والداعشي  ،ويدعو السيستاني الى الانتخابات الحرة النزيهة بلا حذف لأحد ولاانتقاء لمرشح قبل صندوق الاقتراع الا مانصت عليه القوانين الدستورية ، كما ان السيستاني يدعو الى الحكمة والتعقل وادارة الاختلافات سلميا ورعاية حقوق ومواقف الشركاء الاخرين والاقليات وطمأنتهم حتى لايكونوا اعداء لحكم الاكثرية ويطلبوا حماية من الاخر البعيد ، ويدعو السيستاني الى ان  يكون رائد الجميع زعامات واحزاب وافراد ومؤسسات ، العمل والسعي الدائب  لتحقيق العدالة والمساواة ورعاية الحقوق والواجبات ،  وتمكين الدولة من القيام بوظائفها  والنهوض بمسؤولياتها لمواجهة تحديات الفقر والحرمان والمرض والتخلف الاقتصادي والاجتماعي ،  والتراجع الثقافي والفكري ،لقد طرح السيستاني رؤيته السياسية بشكل واضح في خطبة الجمعة يوم 4-5- 2018 في شرح واضح سميته انا في عمود نشرته الصباح بعنوان (السيستانية نظرية الدولة الاكثر حداثة ) ويومها كتبت ان هذا البيان السيستاني هو (مانفيستو) اسلامي  بحق ،  انقذ اسلاميي العراق من معضلة مشروع الدولة الاسلامية وتبعاته واشكالاته السياسية والمجتمعية في ظرف معقد وفي بلد اكثر تعقيدا هو العراق . السيستاني اذن صاحب نظرية ومشروع هاديء عميق مستوعب لنظريات ومشكلات وتطبيقات نظريات الدولة في الفقه السياسي الشيعي ،وقد تجاوزها جميعا لانه لم يركز على مشكلة الشرعية والمشروعية الدينية والمذهبية ،  وهي نقطة الافتراق والاختلاف الايديولوجي والحزبي والمذهبي ،  بل ركز على المقاصد من الحكم وفلسفته وتشريعاته ووظائفه ،فشدد على كرامة الانسان ،مطلق الانسان ،وحريته وحقوقه واحتياجاته وسبيل تطوره ونهوضه وتكامله ،انه ناظر الى الدولة الحديثة بسياقاتها الجديدة الحديثة  ،من دستور وقوانين ومؤسسات واحزاب وانتخابات بقوانين  عادلة منصفة ،وبعلاقات مع الخارج تقوم على التعارف والتعاون والتعايش والدفع بالتي احسن ،  والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ،  وبالاشتراك في فعل الخير في العلاقات الدولية ، وضمان السلم الداخلي والخارجي والتضامن في ردع العدوان والارهاب والجنون السياسي المنفلت . هكذا دعى السيستاني ،فوضع اتباعه ومقلديه ودارسيه امام نظرية فعلية ،توازي وتتجاوز نظريات الاخرين على جلالة قدرهم ومتانة نظرياتهم  ،فرق النظرية السيستانية انها  مستوعبة لتجارب الاخرين ومستجيبة لدواعي العقل الاجتهادي المبتكر للحلول وصانع النهايات الحكيمة في الظروف العصيبة ،اليست هذه هي دعوانا المتكررة لعقل اجتهادي ناظر بحرص لمقتضيات الزمان والمكان !!؟؟ ،الشيعة في العراق بالخيار ، ان شاءوا اخذوا من السيستاني وهو الذي يحاول نصيحتهم وارشادهم دون اكراه ولاالزام ولا تدخل تنفيذي او تشريعي ، وان شاءوا استمروا في تيههم وتخبطهم وانقسامهم وانحدارهم الى الهاوية ،فهم المسؤولون عما صنعته وتصنعه  ايديهم بحاضرهم ومستقبلهم ،ولايضير السيستاني خشية  البعض من منهجه وطريقته ،فالمشكلة في هذا البعض الذي يرفض الاخذ منه ويجازف بمصير امة بكاملها، لانه منتشي بقدرته على الفعل لا بقدرته على الاقناع ،فيما الدول تحتاج الى حكماء وعقلاء ذوو رؤية وروية قل ان تجدها عند غير ذوي العقول الاجتهادية الكبيرة .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك