قاسم العجرش||
أحاول في هذا العمود وكل مرة، أن أرسخ علاقة طبيعية بين ما يقبله العقل وما يأباه، أريد أن أعبر بشكل جازم دون أن أمط شفتي امتعاضا، أن المنجز الصحيح يعبر عن نفسه؛ ولا يحتاج إلى طبول تروج له، وبالقدر نفسه من الحيادية؛ أريد الإشارة إلى أن الخطأ هو خطأ ولو ألبسته أساور من ذهب..!
في كل هذا نحاول أن نتجشأ الحقيقة، نعبر عنها بوضوح، ولأننا في عهد ما بعد فتنة تشرين، بتنا إزاء انحياز لا عقلاني للتهريج؛ الذي يريد لَيَّ عنق الحقيقة، لينتج لنا “وضعا” استثنائيا يجبرنا فيه المهرجون على القبول بالاستثنائي المزيف، كحقيقة إيجابية واقعة، وأن نعتنق ما يأفكون ولو مرغمين!
حراك المطالب كان حقا مبرما، ومن ينكر ذلك فهو مخاتل بلا ضمير، لكن ما بعد حراك المطالب؛ كان إحراق البلاد وإغراقها بفوضى عارمة، وسنة فاتت على عمر الحراك المطلبي الذي تحول إلى فتنة، ليست كافية لأن ننسى ما فعل الرعاع أبدا..
لقد قتل الرعاع الحق، وسحلوا المطالب بالشوارع، وتقدم “التكتك” الصفوف قادما من قاع المدينة، ليحل محل مطالب ذوي الشهادات العليا، وبات أميٌّ سافل يحمل قنينة الخمر، رمزا بديلا عن الأكاديمي الذي يريد وطنا تسوده قيم العلم.
الحصيلة أنه وعلى الرغم من انحراف الحراك؛ نحو الغوغائية والعنف والاستهتار، إلا أن بعضنا يرى أن كل شيء يبدو بهيجاً، فيما النكبات السياسية والصدمات الوطنية التي مرت بنا، تكفي لكي نكتشف أننا ما زلنا عراة، فساستنا عراة وسياستنا عارية، مثل ثروتنا العارية من شرفاء يحمونها، فباتت نهبا لمن يريد أن ينهب..
أمس ارتحل إلى جهنم وبئس المصير، شيخ قبيلة الكويت، وهو أكبر نهاب نهب ثروة العراق، ليس لأنه كان محتاجا لأن ينهب، بل ليعوض ما قدمه لأسياده الأمريكان، ليخلصوه من جور أخيه وحبيبه صدام..أكثر من ألف مليار دولار ما زال شعب العراق يقتطعها من جلده، لأن رئيس قبيلة الكويت يريد أن ينتقم من العراقيين عن جريمة لم يقترفوها، بل اقترفها حبيب شيخ قبيلة الكويت الغالي على نفسه، حارس البوابة الشرقية العربية صدام حسين المجيد التكريتي!
حتى بواب العمارة المصري في الكويت حصل على تعويض، وسيدة أمريكية مسنة “أزعجها” منظر جنودنا وهم يذبحوننا في الانتفاضة الشعبانية عام 1991 حصلت على تعويض، لكن المفارقة أن ذوي المذبوحين لم يحصلوا على تعويض.
بعضنا هذا ما يزال يعتقد أن جهنم السياسة؛ محفوفة بالشهوات والظن الحسن، يعتقد ذلك لأن العائدات الهائلة تدير الرؤوس.
اليوم وفي ذكرى الفتنة؛ إن الدولة التي تقول إنها تحارب الفساد؛ «تسعل» في الظلام حتى ينتبه اللص، الذي يقف فوق الحائط ويعيد حساباته، وعلى نفس المسار فإن السياسيبن الذين شكلوا الدولة؛ يقولون ما لا يفعلون، عهر سياسي أم ماذا؟ سَمُّوهُ كما تشاؤون.
الحكومة هي المؤسسة المشتركة، هي المعطف الذي لا يقينا من برد، ولم تق أموالنا التي لم نجد لها مكانا هنا لنودعها فأودعناها عند الذئب الأمريكي ـ وودع البزون شحمة!
القرار السياسي هنا: الجلوس في صقيع القطب المنجمد على “لهيب” حراك تشرين، الذي ألبسوه ثوب الثورة دون أن يمتلك من مقوماتها النبيلة شيئا.
المصيبة أن الساسة ليسوا مستعجلين ـ شكو وراهم؟! بعد التغيير مباشرة أمرونا أن نعيد طلاء وجوهنا بلون الفرح، ولم نلبث أن نكتشف أن اللون لا يناسبنا، فبيننا وبين الفرح عداء أزلي..
وعدونا بتهدئة اللعبة وجعلها باردة كالصقيع…واكتشفنا أنه صقيع استراتيجي قاتل، ولأنه صقيع فلا شيء يدفع بنا إلى صياغة قواعد جديدة، لكي نتجاوز الفضيحة المفتوحة على مصراعيها..
كلام قبل السلام: حينما ركبنا المركب في البداية قيل لنا لا حاجة بكم لستر النجاة، فمركبنا كله عبارة عن سترة نجاة ، وصدقناهم فنزعنا السترات ، لكننا عندما تحولنا إلى غرقى بدأنا نتلمس بأياد خاوية، حافة مركب هو الآخر قد انكفأ على نفسه عله يكون وسيلة نجاة لنا، وأتساءل هل هناك من يهيل التراب على العملية السياسية؟
سلام..
https://telegram.me/buratha