حسين فرحان||
عندما ينطق التافه بأمر العامة وبمستويات عالية من الدعم والترويج له، فاعلم أنك في الزمن الذي علا فيه صوت كل رويبضة..
ولو تأملت في أسباب نشأة هذه الشخصية وتشكلها بهذا النحو فأنك ستجدها منحصرة بنوعين: الأول نشأة ذاتية كونتها عوامل مهمة فيها كالجهل والوهم والشعور بالنقص والحقد، والثاني نشاة بفعل خارجي وتدخُل يحدث تغييرات طارئة على صوتها وشكلها وتصرفاتها، وكلا السببين واقعين في دائرة التفاهة التي كانت هذه الشخصية الناعقة من أهم وأقوى مخرجاتها.
لم يكن حديث هذه التوافه - الذاتية النشأة أوالمصنعة خارجيا- ليلقى صداه أوتظهر تأثيراته لولا وجود عدة عوامل مساعدة له، ولعل أهمها ضعف إمكانات بعض المتلقين وانعدام حصانتهم الفكرية والثقافية أو بسبب القوة الإعلامية المروجة لهذا المنطق الخبيث الهدام واستخدام طريقة تكرار الأكاذيب والافتراءات واستخدام أساليب التحريف وتسليط الضوء على أجزاء معينة من المقاطع المصورة او التصريحات أو الكتابات وبشكل لا يُمنح فيها المتابع فرصة للمقارنة، او التأكد بسبب التواتر والكثرة في بث الأكذوبة، وهو أسلوب جديد ظهر مع انكفاء الناس على أجهزة الحاسوب والهاتف، وارتباطهم الوثيق بمواقع التواصل الإجتماعي وغيرها من وسائل حديثة أصبحت المورد الأساس في تلقي الخبر والمعلومة.
ضمن هذه الدائرة وكأسلوب جديد من أساليب حرب حزب الشيطان تم استهداف المقدسات والثوابت والقيم والغرض من ذلك هو محو الهوية الثقافية والدينية للمجتمعات، والحديث هنا عن المجتمع العراقي الشيعي والحملات التي شُنت على مقدساته والتي تكفل بمحاولات هدمها كل نكرة لم يكن شيئا قبلها، ولم يُسمع له صوت لولا حاجة الأعداء الملحة لاستخدامه في هذا الوقت.
لقد عرف العدو سر قوة هذا المجتمع فعمل جاهدا وبكل الأساليب المتاحة على أن يهدم مرتكزاتها لأجل أن يقف على تل الخراب ويرفع راية انتصاره.. فما هي هذه الأساليب والوسائل وما هي المقدسات والثوابت التي استهدفها وما زال يستهدفها؟
بعيدا عن الخط الأموي الذي ينصب العداء منذ قرون بعيدة لخط الإمامة ظهرت حركات جديدة لا تتبنى ما تبناه الخط الأموي بشكل علني، بل انها أظهرت وفي أحيان كثيرة ضمن مساراتها أنها موالية ومُحبة وتنطلق من بيئة التشيع وهنا تكمن خطورة تأثيراتها، لأنها ترتدي الزي الحوزوي أو تتحدث مستشهدة بالموروث الشيعي، وهي تشكل خطرا بالغا على شريحة البسطاء ومن يسهل خداعهم بسبب ضعف إمكاناتهم الفكرية والثقافية أوطغيان الجانب العاطفي عليهم.
فما هو المنهج التسقيطي الذي اتبعته هذا الجهات المنحرفة؟ وما الذي تم استهدافه؟..
سيكون الكلام دون ذكر لردود معينة حول ما أثير من شبهات وأكاذيب فالغرض هو بيان المقدسات المستهدفة وأساليب الاستهداف والوسائل.
١- المرجعية الدينية، وقد تم استهدافها عبر مواقع التواصل الإجتماعي والقنوات الفضائية والمنابر المزيفة من قبل هذه الحركات وكانت محاور الهجمة هي:
أ- الدعوة لترك التقليد وظهور حركات تتبنى ذلك.
ب- الدعوة لأن يكون المرجع عراقيا، وظهور مدعين لذلك من المتصوفة والدراويش النقشبندية والبعثية وتم الترويج لهم إعلاميا بعنوان ( المرجع العراقي ).
ج- التشكيك بالمنهج العلمي للحوزة واعتبار ملكة الإجتهاد من الملكات المتيسرة الممكنة لكل شخص وأنها لا تستحق ذلك الاهتمام وأن العلوم
الدينية جامدة ويتم تداولها دون تغيير.
د- الطعن بنزاهتها واتهامها بالتجاوز على الحقوق الشرعية وصرفها بغير مواردها.
بالإضافة الى إثارة الجدل حتى حول الألقاب العلمية للمراجع.
٢- الشعائر: لم تسلم هي الأخرى من هجمة هذه الجهات التي لا يروق لها أن ترى ما من شأنه إحياء أمر أهل البيت عليهم السلام، فدخلت تارة بحجة تهذيبها وأخرى بالسعي لتخريبها وتشويه صورتها، فكان الأفراط في استنكار بعضها دون مراعاة لرأي العلماء فيها، وكان لابتداع أنماط جديدة كإدخال الراب والمظاهر الراقصة وادعاء الحداثة دوره أيضا في هذه الهجمة.. بالإضافة لإثارة الشبهات حول عمل المواكب الحسينية التي تعد عماد هذه الشعائر واتهامها بما ينقص من شأنها.
٣- العتبات المقدسة: هي الأخرى تم استهدافها باعتبارها مراكز مهمة في المنظومة الشيعية لغرض اسقاط هيبتها كمؤسسات دينية مما يقطع تلك الصلات والروابط بينها وبين الموالين وخلق حاجز نفسي مؤثر وذلك باستغلال أمور منها:
أ- ترويج قضية أموال شبابيك الأضرحة المقدسة وإشاعة أنها مما يغطي احتياجات البلد ماليا، وأن القائمين عليها يتصرفون بها بنحو يحرم المجتمع من خيراتها.
٢- استهداف جميع المشاريع التي تنجزها العتبات لغرض تغطية نفقاتها لخدمة ملايين الزائرين سنويا وتهيئة سبل الراحة لهم، والتركيز على تشويه الصورة الحقيقية لهذه المشاريع، وتعمد حجبها إعلاميا عن الجمهور.
٣- مراقبة ما يقع من أحداث داخل هذه المؤسسات والتربص بها بنحو يستند إلى سياسة التهويل والتضخيم والشماتة والتشفي.
٤- الحشد الشعبي: وهو الآخر لم يسلم من هذه الهجمات المنظمة، حيث المحاولات
المستمرة لتصنيفه إلى مسميات وتوجهات معينة وخلق تكتلات وثكنات تملأ العالم الافتراضي ليتم ترسيخها واقعيا فيما بعد، ومحاولة فصله عن الفتوى المقدسة وتصوير انتماءه لجهات أخرى لا تمت للشأن العراقي بصلة.
هذه هي أهم الأصوات التي تصدرها الأسطوانة المشروخة لحزب الشيطان منذ سنوات، لا شيء فيها سوى تكرار ممل لصوت ناعق رسمي مازال يحلم كثيرا.
https://telegram.me/buratha