أمل هاني الياسري||
العالم يمر بمتغيرات كثيرة وكبيرة، وتحديداً منطقة الشرق الأوسط، وبالأخص المنطقة العربية، فشرطي الأرض (الشيطان الأكبر وأذياله)، يخلط الاوراق ويذروها في عقول الشعوب، وكأنها تنصب نفسها وصية على العالم، وترسل لقادتها رسائل خطيرة، لتبدو أمريكا الإستكبارية قوامة على شؤون المنطقة، وأفراد جيوشها المنتشرة هنا وهناك هم رجال المرحلة الصعبة، فكيف لا يتمسك بها العملاء للبقاء على الأرض، ومحتمل جداً أن تكون قوامة على العرض، فمصلحة أمريكا وهمها الأكبر هو مدللتها (إسرائيل).
مجتمعنا العراقي يحتاج الى مرحلة طويلة، من الإستقرار السياسي والأمني، والإقتصادي والإجتماعي؛ لإلتقاط الأنفاس ومواصلة التعلم على الممارسة الديمقراطية، لئلا تكون الإنتخابات القادمة كسابقاتها، فالإنتماء للعراق أكبر من الأزمات، وإستقرار العراق هو فوز فوق مقاييس الربح والخسارة، ثم أن أرضنا وشعبنا يستحقان التضحية ومبادئ الإصلاح والصلاح تتطلبان الشجاعة والحزم في التشخيص والمعالجة، وهذا ما هو مطالب به كل مَن يتصدى للعملية السياسية، التي شابها ما شابها من الاخطاء، وعلى رأسها التدخل الدولي والإقليمي.
الوجود الأمريكي، والإرهاب، والصراعات الحزبية، ونقص الخدمات، وتردي الوضع الإقتصادي، وتزايد الإحتجاجات والتظاهرات، والبطالة، والإضطرابات الحاصلة في المحافظات الجنوبية، وجائحة كورونا، ومع كل هذه الأزمات ينبري لك طرف، ويداهن آخر، ويصر آخرون على بقاء القوات الأمريكية على الأرض العراقية رغم جرائمها، وكأنه زواج باركته السماء، فهل يمكن أن يكون الوطن معافى وسيادته مريضة، ويعاني قلبه من مرض عدم الإنتماء الحقيقي، ولا هم لهم إلا المصالح الشخصية، والمكاسب الفئوية الضيقة، فكيف نداوي الجرح الوطني؟!
السياسة ليست نظريات إجتماعية، بل أفعال تترجم على أرض الواقع، بعيداً عن الأحقاد والمحن، وبما أن منطقتنا العربية تمر بعواطف كثيرة، فهي تضغط بالتأكيد على بلدنا ومجتمعنا من مختلف الجهات، وعلينا التذكير بأن ثوابت الوطن أعظم من متغيرات السياسة، وكيفما كان وضع مَن يتسلم مهام الرئاسة، فمهمته الأولى حفظ كرامة وسيادة الوطن، وتقديم الخدمة للمواطن، وبحلول ليست ترقيعية قصيرة الأمد، وعليه فالمدخل الصحيح أن نكون أقوياء داخل بيتنا الوطني؛ لكي يتحقق التغيير الذي ملّت الجماهير إنتظاره.
طبيعة المرحلة التي تمر بالعراق اليوم، لا تعطينا مساحة لئن نجرب، وإنما علينا ضمان النجاح لتجربتنا الديمقراطية، ونأتي لشعبنا بواقع جديد، وإلا كيف نبني وطناً دون أن نبني أجزاءه، حتى وإن واجهتنا الصعوبات والتحديات، وإذا لم نتدارك إصلاح الأمور، فإن النتائج سوف لا تكون لصالح أي طرف، سوى قوى الإستكبار العالمي وعملاءها، ولن يكون أحدنا بمنائ عن محاسبة الخالق، والشعب، والتأريخ، فطريق الإنتخابات ليس أحادياً، وإنما يجب أن يكون ثمرة تكاتف العراقيين؛ ليعيشوا بأمن وإستقرار.
https://telegram.me/buratha