المقالات

أراكوزات في مسرح تشرين..!


 

عمار محمد طيب العراقي||

 

كمراقبين ومعنيين بالشأن السياسي، مطلوب منا أن نضع تصورات صحيحة للمشهد السياسي، تفضي الى بناء مستلزمات فكرية  تخدم عملية صناعة المستقبل، كنا نرقب عناصر المشهد السياسي لغاية تشرين 2019، حينما اندلعت إحتجاجات خطط لها بعنابة فائقة، كنا قد توصلنا باكرا، الى أن هذه الإحتجات لم يكن هدفها تحقيق مطالب مشروعة متعلقة بالخبز والكرامة، أو بـ"نريد وطن" فالوطن فاتح قلبه لمن يريد أن يكون من بنيه.

لم يكن الهدف أيضا، إحداث تغيير سياسي مناقض لما كان قائما في تشرين 2019، ولا كان الهدف إزاحة الأحزاب والقوى السياسية المتصدية،فهذه لا يمكن إزاحتها إلا بأحد طريقين ، أما بالأصابع البنفسجية، وعمليا هذا ليس ممكنا إلا بحدود ضيقة، أو بإنقلاب عسكري يقضي على جميع ألأحزاب والقوى المقصودة بعملية التغيير، وهذا دونهم فيه خرط القتاد،  أولا لعدم توفر بنية عسكرية يمكنها تنفيذ هذه المهمة المعقدة، وثانيا لأن القوى السياسية المستهدفة تستطيع وأد أي محاولة من هذا القبيل..إذاِ ماذا كان الهدف؟!

 على أرض الواقع ومنذ تشرين 2019 ولغاية اليوم، لم يكن عسيرا على معظمنا، أن يكتشف أن معظم الفرقاء السياسيين كانوا يلعبون لعبة الوقت، لتبديد صفوف الجهة المقابلة، والجهة المقابلة  تناور بغية عدم الظهور كقوة ضد الحوار، والحوار لا أساس له ليتم!،

في المشهد أيضا؛ أن معظم القوى السياسية، التي عول عليها تحالف فتنة تشرين لإحداث عملية التغيير، لا تمتلك مساحة كافية للمناورة، لأن العامل الخارجي يمسك معظم الخيوط  ـ إن لم يكن كلها ـ  ويحركها كيف شاء! لذلك فإن مؤشرات المواقف لدى الأطراف السياسية  كانت تتجه صعودا وهبوطا عن السقوف المعلنة لمطالبها وفقا لأشارات معلومة تتلقاها من العامل الخارجي...

إستمرت اللعبة حتى تم توافق سياسي هش، بين الأطراف السياسية بضغط خارجي، وكان "العامل الخارجي" قد توقع أن لعبة التوافق السياسي ستستمر؛ على قاعدة هررة المطابخ، الكل تمويء تريد الإستفراد بالطعام الذي هو فتات مطبخه..!

 اليوم وبعد عام تقريباعلى فتنة تشرين، فإن التوافق الذي كان يطبع المشهد السياسي بطابعه الهش، لم يكن توافقا سياسيا بالمعنى الحِرَفي، بل كان بالحقيقة مجموعة تفاهمات سياسية مرحلية، لم تكن تحمل صفة الديمومة والثبات، لأنها كانت بالنتيجة تعطي انطباعا مزيفا بأن ثمة حراك سياسي.

لأن الأمور كانت تسير بإتجاهات يعرفها جميع الفرقاء،وبضمنهم فريق فتنة تشرين الذي كان يمسك بخيوطه بعض أجهزة الدولة، كان اللجوء إلى كل الوسائل الممكنة سائدا، وتلك هي لعبة البراغماتية اللعينة، وكانت تعبيرات الهشاشة السياسية تنفرز مجتمعيا بشكل تلقائي!

كانت اللعبة تريد تحويلنا الى صفين متقابلين، أو لنقل صفوف تقابل بعضها معبأة بكل عناصر الأختلاف المتوتر!

 لقد عشنا أستقطابا سياسيا أجهض كل أمنياتنا، في بناء حياة سياسية سليمة، حياة يعرف كل منا موطيء قدمه وموضع جلوسه، وفقا لرقم بطاقة الدخول الى المسرح!

الحقيقة التي يتعين الإعتراف بها بصوت عال، أنه وقبل فتنة تشرين 2019، فإن المواقع السياسية في المشهد السياسي، ونتيجة لأختلال المقاسات فقد أُشغلت بمقاسات غريبة!

كانت البدلات التي لبسها الساسة مستوردة، وحدث أن سلمت لهم على شكل غير مرتب، فأرتدوها على عجل!: سترة مقاس 56 وسروال مقاس 46.الجاكيتة كبيرة فضفاضة؛ والبنطلون ينحشر في منطقة الورك!، بعض الساسة أرتدى قياسات بالمعكوس، السترة ضيقة بقياس 46 والسروال فضفاض كسروال تشارلي شابلن..! 

معظم الساسة حاولوا أن يكونو ممثلين جيدين كتشارلي شابلن، لكنهم نجحوا في أن يكونوا قريقوزات؛ أو كما يسميهم المصريين أراكوزات...!

 شكرا

23/9/2020

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك